خطاب الرئيس نبيه بري في الذكرى السنوية الثالثة والعشرون لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه

مثلما طاردت الصحارى الحواريين الذين فضحت الغابات أحلامهم، استيقظت يا سيدي في الصحارى حيث منفاك على صرخة وجعنا، فاخذت نجمة مخبأة في صدرك ليست هي نجم الصباح ولا نجم المساء، بل هي نجم امل، وعلقتها على نخلة الوقف، فصرنا كلما اختلفنا على الطريق، أو كلما ذابت العلامات فى ثياب الأرض ننتبه الى النجم .. نجم امل فلا نتيه.
ومنذ ثلاثة وعشرين عاما عندما اقمت في صحراء احزاننا حيث رموك في الجب، وصورتك لا تندمل فى جراح الوقت ولن تندمل، واسمك لا ينعس في ذاكرتنا ولن ينعس، ونحن لا زلنا على عهد البيعة فيما بيننا، عندما رددنا خلفك القسم في صور وبعلبك وانت يا سيدي لا زلت تواسي بكاء الصحراء كلما جلدتها شمس الظهيرة، وانت يا سيدي لا زلت تهدىء روعة النخل كلما هبت ريح السموم، وأنت يا سيدي الإمام الصدر لا زلت تزهر كبرعم في رمال القلب.
اذن لقامتك الجبلية ووجهك المضيء وعيونك الموجية،
لأجيالك من الفلاحين الذين تكبر قلوبهم بغلال العدالة، والعمال الذين يشيدون بسواعدهم مدارس وملاعب ومستشفيات وطرقات ومدنا وساحات لأفراح التحرير،
لاجيالك من الصيادين الذين كسروا الحصار وعاد شيوخهم وأطفالهم يتحدون سهول الماء التي تتسع عيونها كحدقه فارغة بمراكبهم الصغيرة من اجل لقمة العيش الحلال ،
للأمهات العاملات في حقول محبتك اللواتي لا يوجعهن صرير العمر واللواتي يمشين على زيح الليل الى حيث يسعل التبغ موسمه المر،
لاجيالك من المحرومين الذين لا يجدون عملا أو سكنا أو علاجا أو الذين لا يكفي اجرهم اليومي لسد رمقهم، ولكنهم يصدقون وعدك بوطن مزدهر بالفرح والشمس،
لاجيالك التي ترعرعت على خبز وملح فكرك، الذي اعلن ان اسرائيل شر مطلق وان الطائفية بذار يولد إسرائيليات، وان المقاومة تذكرة هوية وليست جواز سفر، وان التحرير والحرية صنوان، وان صناع التحرير هم صناع الحرية وان الديمقراطية لا تنبت في كروم الرماد، وان عبيد العصبيات والأنانيات يمشون إلى الابد بلا هدف وهم يحملون على ظهورهم اكياسا لجمع الظل،
لأزهارك وزهراتك في جمعية كشافة الرسالة الاسلامية والدفاع المدني، نواطير حياتنا وفصولنا الأربعة وكرومنا الذين ينام ليلهم ولا ينامون، والذين تبزغ الشمس من عيونهم، والذين تمتلأ عيونهم وصدورهم بالعطاء والاناشيد الخضراء،
لأجيالك المستمرة من المقاومين الذين لا تأخذ عيونهم غفلة، والذين يقيمون على اسوار القرى ولا يسكتون كل النهار وكل الليل على الدوام.
لحقول يديك التي زرعنا فيها قاماتنا لموسم القطاف المستمر حتى تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجولان والقد س،
لابنائك: بلال فحص واحمد حسن قصير ومحمد سعد وخليل جرادي وسعيد مواسي الذين غزلوا الموت على اصابعهم كما يغزل الحرير المجعد،
لك يا سيدي الإمام الصدر من بيدر نحاس الشرق، ومن محبرة جبل عامل من بنت جبيل المحررة وعاصمة الأحرار، تحية ابنائك الخلص،
ولبنت جبيل التي اقرأ في كتابها وردة الذاكرة والعمر الصبي، ونحن.. الآخرون وأنا من الاتراب نشاكس الكبار فيعدو الليل القليل حافيا خوفا من ولدنتنا الجريئة في حاراتها،
لبنت جبيل التي تعلمت فيها فك الحرف وحل الاحاجي والذاكرة والتي تعلمت فيها كيف انتقي عين الحقيقة من كومة ماس الخرافات،
لبنت جبيل التي تعلمت فيها كيف اعمد الأزهار بالماء كي لا تذوي، وكيف أرسم في الفضاء الأمنيات، وكيف اعيش على لعيترون ومارون ويارون وبيت ياحون
لكونين وحانين يارين
لـ الطيري
لـ حداثا وعيناتا
لـ رميش ودبل وعين ابل
لـ البطريرك الذي أغمض عينيه على وجع تيننا وزيتوننا،
الرئيس الفخري لهيئة نصرة الجنوب البطريرك خريش
لـ رشاف وراميه اللتين تحتضنان العمر الجديد،
لكم أيها الأخوة والأخوات، لكل الأسماء التي تجتمعع اليوم على كلمة السر: الإمام الصدر الف تحية وتحية وبعد
هل ترانا نستحق هذه المرارة وهذا الأسى الذي نعيش ونحن كل واحد فينا، كل طفل، وامرأة وشيخ ورجل، وقد حمل دمه على كفه وقاوم بسلاحه أو ماله أو برزقه او باضعف الأيمان بلسانه.
هل ترانا نستحق ان يستمر امتحان إخفاء السيد موسى الصدر امام مقاومتنا ونحن نمثل واحة البطولة في صحراء الكارثة؟
هل ترانا نستحق العقاب بدل تكريم لبنان والجنوب على وجه الخصوص. اما آن الاوان لكشف مصير سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين.
اننا نطرح هذه القضية وهذا السؤال على مساحة الأمتين العربية والإسلامية، بدءا بجامعة الدول العربية، القمة العربية المزمع عقدها في لبنان، ومنظمة المؤتمر الإسلامي مرورا بسلطات القرار ومؤسسات الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان.
نطرح هذه القضية، مطالبين بفتح ملفها الاتهامي الموجه دون لف أو دوران إلى النظام الليبي الذي لا يمكن ان يقنعنا انكاره كما لا يمكنه طمس حقيقتها.
نطرح هذه القضية طالبين من الأشقاء العرب عدم السكوت عن المطالبة بإعادة الإمام الصدر ولو تكريما للمقاومة وللنصر الذي سجل لأول مرة في تاريخ العرب والمسلمين على العدو الإسرائيلي بواسطة هذا الإمام الذي هو إمام المقاومة، لأن الساكت عن الحق شيطان اخرس، فكيف بالساكت عن مصير عالم مجاهد اسس لعصر المقاومة.
اننا من هنا من هذا المكان نؤكد على ما قاله الإمام الصدر عندما زاركم وزار عيترون وعيتا الشعب ويارون ورميش:
– ان نصمد ونتهيأ بالمسلاح والإيمان بمواجهة أي نية عدوانية إسرائيلية.
– ان نحافظ على وحدتنا الداخلية ولا نعطي المجال للعدو، لكي يتمكن من تفريق صفوفنا.
– ان ندعم حق اهلنا الفلسطينيين في العودة واستعادة حقوقهم.
– ان نحافظ ونقوي هذا المثلث الماسي الذي لولاه لما انتصرت المقاومة وهو:
1- لبنان وحدة وطنية ومقاومة.
2-سوريا.
3-الجمهورية الإسلامية في ايران والتي من هنا وفي يوم مؤسس المقاومة نقول للفلسطينيين ولأبي عمار أن ينضم الى هذا المثلث ليصبح مربعا يتربع على عرش النضال والنصر الذي هو آت أن شاء الله.
اننا نقول بلسان الإمام الصدر: ان سيطرة الصهيونيين على القدس وتهويد المدينة المقدسة هي انكار للرسالة المسيحية التي علمت الناس أنهم اخوة متحابون، اما من الناحية الاسلامية فالقدس ترمز إلى تلاقي الاسلام مع الأديان الأخرى (الاسراء)، وتفاعل الدين مع الثقافات والحضارات وهذا يعني أن تهويد القدس والمسجد الاقصى وكنيسة القيامة وانتشار الفساد والسياسات في القدس امر يتعارض مع الاسلام.

هذه التدوينة نشرت في ذكرى تغييب الامام الصدر. الإشارة المرجعية.