بري ينهي فترة السماح للحكومة بهجوم على خطين

ابراهيم عوض تنكب الأوساط السياسية المتابعة للشأن اللبناني على دراسة وتحليل الأسباب الحقيقية التي حملت رئيس مجلس النواب نبيه بري على اتخاذ منحى تصعيدي تجاه الحكومة التي يقودها سعد الحريري، خصوصاً مع عودة الحديث عن تعديل مرتقب فيها. بيروت: نفذ رئيس مجلس النواب نبيه بري ما كان وعد به قبل انتهاء الجولات الأربع من الانتخابات البلدية والاختيارية من أنه سيبدأ مرحلة محاسبة الحكومة بعد إنجاز هذه العملية من منطلق أن “فترة السماح” التي أعطيت لها بعد تشكيلها قبل أكثر من سبعة أشهر استنفدت كل وقتها وبات لزاماً عليه بحكم موقعه الدستوري، أن يجعلها عرضة للمساءلة والمحاسبة. من هنا أطلق بري “صاروخه” الأول باتجاه حكومة الرئيس سعد الحريري من باب موازنة العام 2010 التي يجري بحثها حالياً على طاولة مجلس الوزراء ليصيب هدفين في وقت واحد، الأول: تشكيكه في صحة بعض الأرقام الواردة فيها المتعلقة بصرف “11مليار دولار أنفقت من خارج القاعدة الإثني عشرية ومطالبته بتفسير لها، والثاني: “التحرّش” برئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الذي جرى صرف المبلغ المذكور في عهد حكومته قبل السابقة التي يصفها بري بـ “البتراء” “وغير الشرعية”، بعد خروج الوزراء الشيعة منها. وإذا كان بري في تصريحه المقتضب بشأن الموازنة الذي أدلى به على عجل وهو يهم بمغادرة القصر الجمهوري بعد لقائه الرئيس العماد ميشال سليمان يوم الأربعاء الماضي، لم يأتِ على ذكر السنيورة، إلا أن الأخير، وبعد أن أوعز لوزير المالية السابق جهاد أزعور ولخلفه أحمد شطح بالرد على رئيس البرلمان وتوضيح كيف تمّت عملية صرف الأحد عشرة مليار دولار، وجد نفسه مضطراً لتولي الأمر بنفسه بعد أن أثاره ما ورد في المكتب الإعلامي لبري الذي اعتبر “أن الرئيس السنيورة نفى باطناً بشخص أن أزعوره ظاهراً”، فقال إن بإمكان الرئيس بري مراجعة جميع المعلومات والأرقام والمبالغ وأوجه إنفاقها على الموقع الإلكتروني لوزارة المال، لافتاً الى أن المكان الصحيح والمناسب لمناقشة هذه المواضيع هو المجلس النيابي. وفيما بدا السجال حول مبلغ الـ 11 مليار دولار متجهاً إلى مزيد من التصعيد، إذ بالرئيس بري يطلق “صاروخه” الثاني الذي تطال شظاياه أيضاً الرئيس السنيورة ومعه وزراء الأكثرية في حكومته الأولى لإقرارهم إتفاقية أمنية بين قوى الأمن الداخلي والولايات المتحدة الأميركية، وهي “الإتفاقية التي أثارت عاصفة سياسية قبل أشهر قليلة بين فريقي 14 آذار و 8 آذار، إستدعت عرضها على لجنة الإعلام والاتصالات النيابية التي اختلف أعضاؤها بشأنها بين مؤيد ورافض لها، الأمر الذي استدعى وضع القضية في عهدة الرئيس بري لإجراء ما يراه مناسباً بشأنها، وهو ما فعله أول من أمس عبر رفعه كتاباً إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يعلن فيه عدم شرعية الاتفاقية المذكورة لمخالفتها الأصول الدستورية وفي مقدمها عدم توقيع رئيس الجمهورية عليها. موضحاً أن الخبراء أثبتوا حساسية المعلومات المطلوبة من قبل الجانب الأميركي بموجب هذه الاتفاقية والمتعلقة بالتخابر الخلوي وتحديد أمكنة انتشار أعمدة إرسال ومحطات الهاتف الجوال ورأوا فيها مساً بالحرية الشخصية والأمن الوطني. وطالب بري الحكومة الحالية إعادة النظر بالاتفاقية برمتها، تمهيداً لشرعنتها وفقاً للأصول لتضمنها العديد من المخالفات بينها مخالفة الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي صادق عليها مجلس النواب اللبناني، وخروجها عن صفة “الهبة” التي تمّت بموجبها لتصبح معاهدة مبطنة بهبة كما جاء في كتاب بري. وفيما اعتبرت الأوساط السياسية المتابعة أن “صاروخَي” بري السياسيين وإن استهدفا السنيورة (رئيس كتلة “المستقبل” النيابية) بصورة خاصة، فإنهما أصابا الرئيس الحريري أيضاً بشكل أو بآخر، حيث تحدثت أوساطه عن استيائه من موقف بري مؤشراً في الوقت نفسه عدم الدخول في صدام معه، تاركاً الأمر في الوقت الحاضر إلى عدد من الوزراء والنواب القريبين منه، كما ظهر في البيان الذي أصدره عضو كتلة “المستقبل” النائب الدكتور عمار حوري، مقرر لجنة الإعلام والاتصالات مستغرباً اعتماد الرئيس بري على تقرير لجنة الإعلام والاتصالات المرفوع إليه الذي هو محل خلاف بين أعضاء اللجنة. ناهيك عن عدم اطلاعهم عليه رغم مطالبتهم به. معتبراً “أن الاستنتاج بدستورية أو لادستورية الموضوع المطروح لا يمكن برأيه أن ينطلق فقط من تقرير رئيس لجنة الإعلام والاتصالات تحت عنوان تقرير لجنة الإعلام والاتصالات مع كامل الاحترام لشخص الزميل الكريم (النائب حسن فضل الله). ويشار في هذا الصدد إلى أن رئيس الهيئة التنفيذية لـ (القوات اللبنانية) الدكتور سمير جعجع استبق هذا الرد معتبراً أن من ينتقد الموازنة إنما يستهدف رئيس الحكومة وهو يفعل ذلك مواربة. هذا وفيما تنكب الأوساط السياسية المتابعة على دراسة وتحليل الأسباب الحقيقية التي حملت الرئيس بري على اتخاذ هذا المنحى التصعيدي بوجه الحكومة، خصوصاً مع عودة الحديث عن تعديل مرتقب فيها، لوحظ أن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط حليف بري “اللدود”، لاقى الأخير في منتصف الطريق في حديثه التلفزيوني مساء أول من أمس إذ انتقد ما سماه “الفكر المتزمت في دوائر السرايا القديمة، ومنها الرئيس فؤاد السنيورة” اعتبر أن القضية الفلسطينية شأن سني ولم يسمحوا أن تكون وزارة وائل أبو فاعور وزارة دولة للشؤون الفلسطينية هذه نظرية فاشلة وغباء. كما لم يسلم الشأن المالي من لسان جنبلاط الذي اقترح الاستماع إلى رأي خبيرين فيه هما وزير المالية السابق جورج قرم وكمال حمدان (القريبان من المعارضة) إضافة إلى مروان اسكندر المحسوب على الموالاة”.

هذه التدوينة نشرت في الرئيس في الإعلام. الإشارة المرجعية.