لفجر عينيك الذي يتوضأ لصلاة الصبح، لصباحك الذي يعمر شمساً، ويكوي الخراب، ويلوّن الشجر ويوقظ الدواري، لاسمك الذي يفتح باب الينابيع، ويطلق السلاطين والفراعنة، لعصاك التي تزهر قمحاً، وتبغاً وتيناً وزيتوناً في مواسم الفلاحين وتزهر ملحاً ومحاراً ولؤلؤاً في مواسم الصيادين، لإسمك الذي تمشي اليه المدائن والقرى والذي يوقظ النعسى ويقيم على الأجفان ويكتب كلمة أمل على القلوب المولعة بالحياة والبطولة، لمواسمك التي تلملم الشقاء في الحقل وتحصد غلّة البذار الطيب بالصيف، لمواسمك أفواج المقاومة التي تدق باب الوهم بحقيقتها، والتي تزرع شهداءها نخيلاً حيث التصحر يكاد يمل بالضجر واليأس، لحسام الأمين وكلّ ابن لك حسامٌ أمين، يضيق البرّ عن استشهاده، فينبرع الجّو أيٌّ مقاوم هذا لتزدحم الأرض والفضاء على صدره، لعباءتك التي تلملم حسراتنا وتلفهم بدفئك، لمعراج كلماتك الصاعدة من القلب، الناضج بالضياء دوماً الى قلوبنا لتبدد وتزيح الهم عن صدرها، لغيابك الذي طال عن ضمير العرب الذين سقطوا عن أفراسهم في وحول العار، والذين علقوا ذاكرتهم على مشنقة الغبار، لك يا سيدي الامام الصدر صفحة الجنوب التي تزدهر بأقمار اسمك التي لا تنطفىء شعلته.
لك يا سيدي، ما تصدح بلابل الكلام بالجمل الذهبية المسكوبة بأسوار أفراح شهدائنا، ولك يا سيدي نهب أشرعة حضورنا على صفحة البر والبحر، ومنك حين تبغض صدور العدالات على صدورنا، نتعلم أن نرفع صوتنا أحد، ومنك نتعلم أن الوطن أكبر من فكرة وأوسع من عيوننا، ومرة بعد مرة يا سيدي تعرف انه رموك في الجب ولطخوا قميصك بالدم، وعادوا يدعون أن الله أخذ ما اعطى، ولكن اسمك يأتي مع الضوء ومع ألوان قوس قزح ومع الصوت الذي يشق الصدر وهو يخرج من جريح قلوب الأمهات وهو يهتف بالدعاء لابنائك الذين يزرعون قامتهم في الأرض ليوم حصاد التحرير، ولخطواتهم التي لا تكاد تلامس الدرب التي تمشي بهم الى الفجر الآتي، اذاً لك يا سيدي لابنائك الخلّص ولقلوبهم المسكونة بالحب والتي تسكن فيها قرانا فلا تذبل ولأياديهم التي تمتد أشجاراً تستضيف القمر والدواري الخجولة ثم تفتح لنهارٍ قادمٍ من عيون الأطفال…
لك يا سيدي ولابنائك وهم يذهبون الى مواعيد مقاومتك يتأبطون الليل ويعلقون أنفاسهم على حبال الصمت ويفتحون عيون حواسهم وعيون عيونهم على الهدف ويعودون يحملو ن ضحكاتهم الناضجة كأنهم وعد المطر.
لك يا سيدي وللجنوب ولساحة كربلاء هنا في النبطية حيث قاومنا بالقبضات العالية وبالعيون والقبضات الحديدية والمخارز، وحيث حرضنا العصافيرعلى اشتهاء التين، والبحر على اشتهاء الملح والأرض على اشتهاء الشمس والوطن على اشتهاء المجد..
لك يا سيدي، وللجنوب ولعروس جبل عامل النبطية..
هذه الصرخة في برية العرب في يوم تجديد الوفاء لك والبيعة لك وبعد..
عاماً بعد عام تستمر معاقبة الجنوب ولبنان من ذوي القربى عبر استمرار اختطاف القائد ورفيقيه.
وعاماً بعد عام يواصل نظاماً عربياً يتمثل بليبيا في إنكار جريمة الاختطاف والتنكر ولشخصية عربية وروحية كان ولا يزال لها تأثيرٌ على الساحة العربية والساحات الاسلامية..
ويوماً بعد يوم ينتظر ابناء الامام الصدر جلاء ووضوح هذه القضية المعلقة على الضمير العربي والاسلامي، وكأن قدر لبنان وقدر المحرومين فيه أن يوضعوا هكذا ولولا الأسد بين مطرقة الأخوة العربية وسندان اسرائيل عقوبة لهم لعل على صمودهم ومقاومتهم.
ويوماً بعد يوم، سنستمر في مناشدة القادة العرب والمسلمين، وضمير الشعوب العربية والاسلامية، تحرير المفكر الاسلامي وأبو المقاومة ومؤسس المقاومة المجاهد والعالم الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه.
أيها الأعزاء، في العام الماضي وفي بعلبك ومن على منبر الامام الصدر وجهت عناية الحكومة الى الصراخ الذي يتعالى من جهات مختلفة وطالبنا بترتيب أولويات المشاريع واطلاق الزراعات الأصيلة، والمشاريع ذات الجدوى الإقتصادية والاستثمار على عاملي الناس والوقت، وزيادة الائتمانات والضمانات، وتعزيز المشفى الحكومي وبجدولة زمنية لإنشاء المشاريع في البقاع وعكار والمناطق المحرومة..
وفي العام الماضي طالبنا الدولة ومواطنينا أن يتحملوا الأزمة الإقتصادية والإجتماعية، وأن يفوتوا بوعيهم وبصبرهم محاولة لتهديد النظام العام، ما أشبه اليوم بالبارحة حتى أننا نؤكد على نفس المطالب ونزيد عليها وما أشبه اليوم بالبارحة ونحن نطالبكم بشدّ الأحزمة وبالصبر أيها الأهل الأعزاء لنتمكن معكم من حمل أمانة الوطن ولكي نصبح مؤهلين كي نكون لبنانيين وأن ندخل في عائلة الشعوب التي تعيش نهاية القرن ال 20 ولأن نكون آباءاً وأمهاتاً للأجيال القادمة.
وما أشبه اليوم بالبارحة، أين الحقيقة مما نحنُ فيه وهل نعجز عن قول الحقيقة إننا في موقع السلطة ونحن كنا نقولها واضحة ساطعة من موقع الاعتراض هل تقع العلّة في النظام أم في التطبيق، في الصلاحيات أم التجاوزات، أيها الأعزاء ان المشكلة ليست في الصلاحيات ولا في دور السلطات بل في ممارسة السلطة وفي ترتيب الأولويات، إن المشكلة لا يزال جزءاً منها كامن في أن المصالحة الوطنية لم تتجاوز في بعض عناوين صياغة سلام لبنان ومصافحة الأيدي الى مصافحة القلوب وفي أن الإندماج الوطني لم يتجاوز لقاءالأجساد الى لقاء الإرادات لصنع الأسس الجديدة لبناء الصرح الوطني وعليه فإن المشكلة ليست في النظام البرلماني الديمقراطي، بل المشكلة في الطائفية التي لاتزال تشكل قاعدة الحكم في لبنان، تلك الطائفية التي ما وضعت كنظام حكم في لبنان، بل وضعت لتقسيم الناس، إن هذه الطائفية تحتاج الى بحث سياسي وليس الى بحث ديني.. من أجل إبقاء هذا الاختراع الذي يبقي لبنان متخلفاً ومحكوماً بعناصر القلق على مصير لبنان.
انني أوجه عناية كل الحريصين على لبنان وكل مقامات الطوائف اللبنانية الكريمة، الى أنّ هناك طائفة غير مسجلة في لبنان، تتوالد وتتكاثر من صلب طوائفنا التي بنت لبنان، تحكم وتتحكم وتحتكر وتستأثر بلبنان، وعندما تتعرض الى أي ضغط تجعل من طوائفنا أكياس رملٍ في حروبها المتنوعة منذ عام 1680 حتى عام 1975 ولا أبالغ في شيء ولا اتشاءم والمستقبل ايضاً.
إن هذه الطائفة تضرب وتبكي، تسبق وتشتكي، إن هذه الطائفة تستخدم مصطلحات عصرية ووسائل عصرية وإدارة عصرية إلاّ أنها تحكم بعقول متخلفة وعاجزة عن إدراك حقائق وطنية وعاجزة عن الاعتراف بأهلية الشعب اللبناني ومواكبة العصر.
إن هذه الطائفة هي هي نفسها التي أخذت لبنان الى الحرب لتحطم كبرياء شعبه وتحوله الى موكب عاجزٍ عن السير ومعطل الحواس والأطراف وجاهز للانقياد، وهذه الطائفة أصيبت بالفشل عندما تمكنت طوائف لبنان من إعادة ترسيخ قيمها الروحية القائمة على التسامح والمحبة وأكدت تمكنها من إعادة صياغة تعايشها الفريد اعتماداً على مبدأ المشاركة في الحقوق والواجبات…
إن هذه الطائفة لا تريد للبنان أن ينسى رواسب الماضي وتصر على إثارة النعرات والغرائز.
إن هذه الطائفة الغير مسجلة في القلوب وغير المحسوبة على الأديان تتسببب بتلوث أقتصادي وإجتماعي في لبنان، وتؤثر على سلوكه الحاضر ومستقبله ولكن الشعب اللبناني الذي تجاوز محنة الحرب وسلك طريق سلامة أبنائه، مارس بصورة حضارية عملية الاقتراع الذي فرض، إن هذا الشعب الذي استعاد حيويته الإقتصادية والإجتماعية والثقافية هذا الشعب الصامد المقاوم للاحتلال والذي صنع ويصنع البطولات كل يوم ليتأكدوا لن يبقى ظهراً ليُركب ولا ذقناً ليحلق.
أيها الأعزاء، إننا في حركة أمل حركة أمواج الناس لن نقبل بالمساومة على مصلحة الوطن والمواطن وسنكون مسؤولين أمام الناس لا عنهم، إننا نقدر أن شعبنا يملك حصانة طبيعية ضد تطبيعه خارج حدود الديمقراطية ولكن الأساس الذي سنجعله عنواناً لتحركنا ولمنع تطويع شعبنا هو الاحترام المتبادل والاعتراف المتبادل كلٌّ بالآخر والثقة المتبادلة لأن هذا الاحترام والاعتراف يولد ويعزز عناصر التعاون والإندماج والوحدة وشفافية الحكم. إننا ومن على منبر الامام الصدر الذي كان أول الداعين الى دولة المؤسسات التي تقوم على الاخلاص الوطني والقومي والكفاءة والنزاهة والشفافية نعلن ما يلي:
أولاً: إننا لن نقبل أي تسويات خارج المؤسسات وكنا السباقين الى اعلان (موقف أو موت طريقا…)(غير واضح) ولن نقبل بإختصار أي مؤسسة بأيّ من أشخاصها ومصرين على التزام المؤسسات لنظام عملها الداخلي بما يضمن ممارسة المؤسسات لسلطاتها بحدود القانون…
ثانيا: إننا سنقاوم ولم نقاوم بالماضي لأنهم أرادوا أن يوظفوا خارج المؤسسات فكان عليّ أن أقوم بما قاموا به، إن هذا الكلام الذي أقرأه وتلك الانتقادات التي أسمعها بمقال هنا ومقال هناك احترم وأقدّر وأعتقد أن هذا كلام المحب لحركة أمل حتى ولو كان قاسياً ولكن ليتأكدوا أنني لا أغبي عن الوضع ولا أعيش المثاليات عندما غيري يعيش المثاليات أخطأت لعلّ (هذا الكلام ليس اعترافاً ابداً) عندما كنت وزيراً وسأبقى كذلك أبد الدهر.
إننا سنقاوم التوظيفات خارج دور الأجهزة المختصة في امتحان المرشحين اعتماداً على أن الوظائف ليست مناصب بل إدارة لتحقيق المشاريع. لقد سجلنا في السابق ونعيد التأكيد اليوم أننا مع المراقبة والمحاسبة في إطار الإنتاج الوظيفي وفي إطار الحفاظ على الأموال العامة وفي إطار التلزيم القانوني وندعو الى إعطاء المزيد من الضمانات للأجهزة الرقابية لتقوم بدورها بمنأى عن الضغوط. كما أننا نؤكد اليوم على ضرورة اتخاذ التدابير لمنع اساءة استخدام السلطة الرقابية والسلطة السياسية أو الإقتصادية أو سائر السلطات. إننا سنكون أول الملتزمين برفع الغطاء عن أي موظف ولكن يبقى الأهم هو طريقة الوصول الى الوظيفة.
ثالثا: وعلى أبواب العهد والأبواب الجديدة، فإننا ندعو إلى إقامة مشاريع التنمية الريفية خصوصاً الزراعية منها على جدول سلّم الأولويات خصوصاً تلك المتعلقة بتنفيذ مشروع ري الجنوب من نهر الليطاني، وطالما أن السلطات الرسمية لم تقم بهذا المشروع طالما أننا نواجه اسرائيل بشكل أو بآخر، واعتبار هذا المشروع مشروعاً وطنياً واجتماعياً ومقاوماً، الى جانب كونه ذات صيغة مدنية، وكذلك تنفيذ مشاريع الري والسدود في البقاع وعكار، وانهاء عمليات الفرز والضم.
رابعاً: تأكيد إيماننا بأن الوطن حق وواجب ولا يمكن فصل أحدهم عن الآخر، وأن الحق دون واجب هو صفة للمزرعة وأن الواجب دون حق إستعمار.
خامساً: تأكيد التزامنا حق التعليم وحق العلاج وحق العمل وحق التعبير وحق التملك وحق الإنتخاب وحق التجمع ايضاً.
سادساً: ومع تأكيدنا على دور الدولة، إننا نؤكد على حق الاختلاف ورفض منطق تصوير الأمور وكأن الوطن في خطر أو الاسلام في خطر أو المسيحية في خطر لمجرد أن الاختلاف أو الإتفاق هدد شخصاً من أشخاص السلطة التي تبكي حضورها في الأزمات الضاغطة على الحياة الإقتصادية والإجتماعية للوطن.
السلطة التي تريد من المواطن أن يجيب على الاسئلة المتعلقة بتأمين الاعتمادات للمشاريع والرواتب في قلبٍ لطاولة الكلام والمنطق الذي يقول بأن الانسان لم يخلق من أجل الدولة بل أن الدولة وجدت من أجل الناس.. كما أننا نؤكد أنه لم يعد مقبولاً ابداً تصوير كل أمرٍ وكأنه تهديد لعلاقة سوريا بلبنان، يقول هذا نبيه بري والذي هو ابن الامام الصدر والذي يعتقد أن العلاقة مع سوريا علاقة مصير وليست علاقة مسار، والذي يعتقد أن العلاقة مع سوريا هي لمصلحة لبنان كما هي لمصلحة سوريا وبغض النظر عن المصالح يعتقد أن يستطيع تزوير التاريخ ولا يمكن تزوير الجغرافيا.
ويعتقد أن هذا الأمر ليس مقابل نعيم أو هرب من نقمة بل لأننا نعتقد أن القيادة في سوريا والتي هي برئاسة الرئيس الأسد هي أهلٌ للاستراتيجية وأهلٌ للتعاون وأهلٌ للتغيير.
اذاً لم يعد مقبولاً وليست مجاملة تصوير كل أمرٍ وكأنه تهديد لعلاقة سوريا بلبنان، إن سوريا ليست لأحد دون أحد أو لفئةٍ دون فئة وسوريا من موقع حرصها على لبنان وعلى استقلال لبنان والتي عام 1982 قدمت 12 ألف شهيداً والتي هي حريصة على استقلال لبنان وسيادته تعاملت مع اللبنانيين على أنها جزءٌ من المقاومة أقول هذا لأنني متيقن من هذا دائماً تعاملت مع اللبنانيين على مستوى الدولة على أنهم قادرون على إدارة شؤونهم.
سابعاً: إنني أدعو مخلصاً الى اعادة النظر في السياسات المالية والإعمارية ليس من موقع تحميل للحكومة المسؤولية حيث أن هناك آثاراً خطيرة وعميقة للاحترام الداخلي وللاحتياجات والاعتداءات الداخلية. الا أن الكثير من الدراسات تؤكد أن خطة الاعمار لم تتمكن من تحفيز الإنتاج وتوفير التمويل ولم تستدرج الاستثمارات كما كان متوقعاً ولا تزال الهوة واسعة بين السياسة الحكومية واحتياجات القطاعات المنتجة.
لقد آن الأوان من أجل العد للعشرة وعدم الاصرار على المضي قدماً في سياسةٍ قد تؤدي الى وقوع الهيكل على الجميع. إننا معتبون بأن نطالب والحكومة بمراجعة نقدية لسياسة الحكومة الاعمارية والمالية وذلك ليس لمصلحة المجلس النيابي بل لمصلحة لبنان ونحن متأكدون من حرص الحكومة على الاستماع للمخلصين الذين لا يهدفون الا لبناء موقع لبنان ودوره وازدهار الانسان فيه.
انني أقول مخلصاً أن انحسار الآمال المعلقة على الحكومة أو على المجلس النيابي أو ضعف الثقة بالدولة أمرٌ ليس بمصلحة أحد على الاطلاق وإنما أولاً وآخراً في مصلحة اعداء لبنان أي اسرائيل.
إنني في هذا المجال أعيد على مسامعكم كلاماً للامام الصدر أطلقه عام 1975 محذراً من وضع مشابه بما نحن فيه يقول: إن أهم محنة في لبنان بل إن أم المحن ذلك السلام الخطر الذي ركزه المستعمر ويستعمله المستغلون الذين لا يريدون خيراً إلا لأنفسهم ولا يجدون مصلحة الا في تجميد الوضع الاجتماعي في لبنان، إن هذا السلام كما يقول الامام الصدر هو تحويل الأزمات كل الأزمات الى الأزمة الطائفية يعني الى الباب المسدود، هذا السلاح هو استعمار الدين والحق والعدل والرحمة في سبيل خدمة الظلم والباطل يضيف الامام الصدر وما أشبه اليوم بالبارحة إن لبنان يعاني أزمات جمود وركود يتخلف يفقد دوره في المنطقة التفاوت بين المناطق يزداد، الطبقة الوسطى تسحق، آلام المحرومين تزداد، المشكلة الاجتماعية تتفاقم مشاكل الغلاء وفساد الادارة، والمحسوبيات في كل شيء وغيرها تتعاظم ويقول الامام الصدر وأمام هذه المشاكل وفي سبيل حل هذه العقد نجد دائماً أمامنا أن أيدٍ خبيثة هي العدو الحقيقي للبنان تحاول أن توجه كل مطالبه، كل احتجاج كل حركة هادئة، كل نقد مخلص الى عمله الطائفي التحريضي ضد لبنان وكيانه وسرعان ما تتفاعل الصورة المشوهة ويتأزم الموقف من خلال لقاءات مجاملات طائفية أو تقسيم مكاسب بين أفراد معنيين ويبقى الشعب محروماً والمشكلة مستمرة لقد كان رد الامام الصدر على هذه المشكلة الكبرى إنشاء حركة المحرومين لتأخذ دورها كحركة وطنية تتمسك بالسيادة الوطنية وتحارب الاستعمار والاعتداءات والمطامع التي يتعرض لها لبنان حركة ترفض الظلم الاقتصادي وأسبابه بالاحتكار الانساني واسثتمار لأخيه الإنسان حركة لا تصنف المواطنين ولا ترفض التعاون مع الفئات الشريفة في سبيل مستقبل أفضل وانني اليوم وبعد مرور الوقت نفسه على اعتبار الامام الصدر حركة المحرومين رداً طبيعياً على هذه الوقائع أقف كمسؤول أمام اللبنانيين وأمام الامام الصدر وأمام تضحيات شعبنا وأمام أعراس المقاومة المستمرة معلناُ بأن حركة أمل ستجري قراءة نقدية لا بل جدية بمسيرتنا التنظيمية على كل المناسبات وعلى المستويات سواء منها في المقاومة أو الاستحقاقات الداخلية، إن المشروع التنظيمي لحركة أمل سيعاد إنتاجه بما يتلاءم مع دورها كقوة تقنية حية تتحمل المسؤولية اتجاه عملية صنع السلم الأهلي وبناء وانتاج الدولة وتحقيق الوحدة والاندماج الوطني وبالتالي استقرار النظام العام، إن مؤسستنا التنظيمية ستتسع لنوع من البرلمان الشعبي يكون معنياً في المشاركة بتخطيط دور حركة أمل ومهامها ورسم استراتيجيتها ومقاومة المسؤولين ومحاسبتهم، إن حركة أمل وكما رسم صورتها مؤسسها الامام القائد السيد موسى الصدر ستسعى لتصبح على مساحة لبنان البشرية والجغرافية وستشكل انشاء الله العامود الفقري لجبهة وطنية على قاعدة الحو ار المفتوح مع العديد من القوى السياسية، إن حركتكم أيها الأهل الأعزاء الذين قدمتم قرابين الشهداء والذين حميتم حركة أمل ستقوم بكل ما هو ضروري بإعادة رسم صورتها النقية الشفافة اتجاه المسألة الاجتماعية في لبنان واتجاه الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان، إن حركة أمل هي حركة الناس الذين يجب أن يعبروا عن مشاركتهم العامة في العمليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تصنع حياة الوطن والدولة انني أيها الأهل الاعزاء أدعوكم لتسجيل ملاحظاتكم واقتراحاتكم بل وانتقاداتكم حول مشروع أمل السياسي أدعو مؤسسات الرأي العام الديمقراطية والاعلامية والقطاعات النقابية والحزبية الى المساهمة لأننا رفضنا وسنرفض أن تكون حركة أمل اطاراً مغلقا على ما فيه ومن كان فيه.
انني ومن هنا ومن على منبر الامام الصدر أعدكم بأن أحمل أمانة حركة أمل لتلبي طموحكم كقوة سياسية ومقاومة وطنية تعمل على ازالة الحرمان والغبن وتحقيق العدالة الاجتماعية وانها لن تكون مجرد مؤسسة لانتاج رؤساء ووزراء ومديرين عامين وموظفين بل ستكون أيضاً مدرسة لانتاج المقاومين الذين يتطوعون ليكونوا ليسوا شهداء فقط بل شهوداً لمصلحة الوطن حين تدعو الحاجة وألتزم أمامكم برفض أي مساومة على واقع حركة أمل أو دورها أو مستقبلها.
أيها الأعزاء، يا أبناء الامام الصدر، إن تصدف بعض المواقع الرسمية إزاء مشكلة الجنوب والبقاع الغربي على أنها مشكلة موضعية يمكن تحديدها وعزلها ولكن هذه المشكلة تقع على الجغرافيا والناس حيث هي وأن هناك مجلساً للجنوب يقوم بدفع التعويضات لا يدفع ثمن المزروعات ولا يدفع ثمن السيارات ولا يدفع ثمن المفروشات ولا يدفع ثمن المؤسسات التجارية أو المحلات التجارية بل إن القصر المهدوم بكامله لا يتقاضى أكثر من عشرين ألف دولاراً ومع هذا يعتبرون أن هذا المجلس يقوم بدفع التعويضات وأما أن هذا الامر يمثل أكثر حدود اللامبالاة، أو أنه يمثل جهلاً بالواقع وهذه مصيبة أعظم وهو أم سيجعل لبنان مهدداً في حاضره وفي مستقبله إنما يجب أن يدركه لبنان الرسمي والشعبي هو أن المدرسة في الجنوب أو المسشتفى في الجنوب والمستوصف الطبي في البقاع الغربي وأي أمر وان الفلاح الذي يزرع أرضه هناك وهنا إنما هو أكبر المقاومين صدقوني بل هو أساس المقاومة وهو الرئة التي تتنفس منه المقاومة إن هذا الصمود الذي يمثل ذروة المقاومة يحتاج الى مشاركة لبنانية إن المطلوب تحويل هذا الصمود الى موقف وطني يعبر عن نفسه مادياً في المشروعات الملحة على امتداد خطوط المواجهة وفي عمق المناطق المحتلة ويعبر عن نفسه معنوياً.
إنتقال العائلة اللبنانية من كل المناطق نحو الجنوب والبقاع الغربي والتعبير عنها على مساحة لبنان المغترب والمقيم وعلى امتداد مساحة علاقة لبنان بما هو واجب وطني وقومي وديني، هو حاجة للدفاع عن النفس يقوم بها كل لبناني لأن لبنان مع جنوب ضعيف جسم مشلول وبلد مفتوح على المآسي التي ستنتجها اسرائيل على ارضه. كما أن مشاركة اللبنانيين كل اللبنانيين هي حاجة وطنية. إن مقاومة الشعب اللبناني للإحتلال الاسرائيلي ليس ابداع طائفة معنية ولا فئة سياسية معنية. وإن كان لحركة أمل وحزب الله شرف التفاخر بالاستمرار أو بالامساك براية المقاومة خفاقة بانتظار أن يستعيد الجميع مهمتهم الوطنية وأقول من على هذا المنبر أنه اذا كان رفاق سهى بشارة وإخوة سناء محيدلي قد قرروا استعادة موقعهم في المقاومة فإن رفاق وإخوة كل المعتقلين والشهداء مدعوون لاستعادة المبادرة وإننا ومع كل امكانات أمل مع هذا الخيار.
إن تصرف الدولة ممكن في هذا الاطار بتوجيه الشعب لكل ما يتعلق بشؤون الوطن وقضاياه وتصرف الدولة ممكن من الناحية الدفاعية وقد أثبت الجيش اللبناني دائماً وبامكانياته المتواضعة وفي غياب غطاء جوي وأسلحة دفاع جوية أنه يستطيع أن يصنع البطولات والمعجزات وهناك عشرات الشواهد.
إن ما تقدم ليس دعوة لاعلان حرب. فالحرب فرضتها اسرائيل علينا وهي مستمرة. أو تنكراً لما سموه مسيرة السلام. إن السلام كان وسيبقى حاجة لبنانية وعربية ولكن السلام بلا قوة في عالم السباع ضعف واستسلام كما قال الامام الصدر في مطلع السبعينات. ولأن لبنان بلد الجمال لكنه في الواقع بلد الجبال وبلد الممانعة وبلد المقاومة وبلد الحرية. إن مواجهة الموقف المترتب على الاحتلال والعدوان الاسرائيليين ضد لبنان لن يمكن أن يترك أو يبقى على عاتق قوة سياسية محلية بل هو أمر يقع أيضاً على عاتق الدولة والمجتمع. إن الدولة يجب أن لا تكتفي بتحويل مجلس الجنوب الى حائط مبكى والى صندوق تعويضات تقطر اليه الأموال التي تقسط لتعويض الاضرار الناجمة عن الاعتداءات الاسرائيلية.
أيها الاعزاء إنني من موقع ادراكي للعبر التي رافقت نشوء اسرائيل الى اليوم ومن موقع متابعتي لصورة الحركة السياسية والعسكرية الاسرائيلية أقول إن الرهان على خطوة اسرائيلية للخلف هو رهان خاسر في الوقت الذي تحول اسرائيل فيه المواطنين اللبنانين في الجنوب الى مختبر حيّ لتجارب صواريخها السرية الموجهة وفي طليعتها المينيكروز الذي سجل اصابات دقيقة في صفوف المواطنين والأطفال وفي الوقت الذي حولت فيه الجنوب لحقل تدريب لطائرات البلاك هوك الاميركية الصنع والى حقل تجارب للمواد الكيميائية الحربية السامة وفي الوقت الذي تلوث اسرائيل مياهنا نعم مياهنا الاقليمية بالنفايات الصناعية وبأربدة الفحم الملوثة بسموم المعادن الثقيلة التي تخلفها معامل الانتاج التابعة لشركة الكهرباء الاسرائيلية وفي الوقت الذي تغتالنا في كل اتجاه بحراً وبراً وأخيراً من الجو.
أيها الأعزاء حذرت العام الماضي في يوم الوفاء للامام الصدر الذي عقدناه في بعلبك كما قلت من استراتيجية اسرائيلية ذات أبعاد مختلفة تركز على فك العلاقة المصيرية بين لبنان وسوريا وتطرح بعداً فلسطينياً يقوم على التوطين وتعتمد محلياً على ارباك النظام العام. ماذا شاهدنا خلال هذا العام. منذ ذلك اللقاء وفي إطار هذه الاستراتيجية شاهدنا هجوماً ديبلوماسياً اعلامياً مركزاً اسرائيلياً لا يخلو من مشاهد الدمار والموت المعتادة بعنوان «لبنان أولاً»، لقد أوحت حكومة نتنياهو بأنها عازمة على تقديم تنازلات على المسار اللبناني، للتحلل من التزامات حكومتي رابيل وبيدثير على مسارات المفاوضات الأخرى، أما الحقيقة فإن اسرائيل كانت تريد أن تقدم رشوة للمجتمع الدولي من الجيب اللبناني بتفريغ القرار 425 من محتواه ومن ثم استخدام عامل الوقت لاسقاط ورقة السلام اللبناني الأساسية المتمثلة بالمقاومة وبعدها التراجع عن إعلان ثباب حكومة نتنياهو تجاه لبنان. تماماً كما فعلت بالفلسطينين تماماً. لقد صمد لبنان أمام الاغراء الاسرائيلي الخادع وأسقط المحاولة الاسرائيلية لتحويل انتباه العالم خارج حقل عملية التسوية في الشرق الأوسط وشروطها التي تقول بتسوية عادلة وشاملة. لقد ارتكز الموقف اللبناني على الشروط التالية:
1 – تمسك لبنان بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 425 دون قيد أو شرط.
2 – تمسك لبنان بمقاومته وضرورتها واستمرارها وتقويتها وتعميمها حتى جلاء الاحتلال الاسرائيلي حتى الحدود الدولية.
3 – الرفض المطلق لتوطين الفلسطينيين اللاجئين في لبنان والتصدي لأي مشروع يهدف لتذويب هويتهم وشخصيتهم الوطنية في المجتمع اللبناني وتحويل لبنان الى مركز لاستثمار تعويضاتهم كلاجئين في مشاريع متحركة لاسكانهم.
4 – تعميق وترسيخ العلاقات اللبنانية السورية وتأكيد أن علاقة البلدين هي علاقة مصير وليس علاقة مسار لأن هذه العلاقة مبنية على التاريخ والجغرافيا واللغة والروابط والمصالح الاستراتيجية والقربى.
إننا اليوم وبناءً على ما تقدم نؤكد رفضنا لمحاولة تمرير العروض الاسرائيلية عبر تقرير مؤسسة «ديكر» وسواها خصوصاً تلك التي تدعو الى هدنة في لبنان لمدة ستة أشهر تحت إغراء بناء القرى لأن الدعوة الى هدنة بين الاحتلال والمقاومة مستحيلة وهي تشبه الفلسفة القائمة على الهدنة بين الذئب والحمل.
أيها الاعزاء، ها نحن وفي يوم تجديد البيعة للامام الصدر، نحمل وجعنا وأملنا في ترسيخ العيش المشترك وصيانة الوحدة والاندماج الوطني، حسب النظام البرلماني والسعي لالغاء الطائفية السياسية بإرادة جميع اللبنانيين، بناء لبنان وطن العدالة الاجتماعية وفي التصدي للأصنام والامتيازات من كل فئة وفي مواجهة كل تشكيك واتهام بكل الحقيقة الوضوح والصراحة. لمّ شمل العائلة اللبنانية المقيمة والمغتربة لأن لبنان لن يحلق بجناحين طائفيين لبنان يحلق بجناحين مقيم ومغترب وإعتماد على امكانية ابنائه وقدراتهم لا ببقائه متسولاً على قارعة الدول والملوك والشركات الدولية. جعل لبنان منبراً للحرية وكسر قوة الاحتكار التي تحاول وضع اليد على مؤسسات الرأي العام الاعلامية والثقافية. حفظ حق المواطن في التعبير والانتماء وأساساً الوصول الى القوت.
حفظ عروبة لبنان وفي تأكيده لجعله واجهة السوق العربية المشتركة حفظ العلاقات المميزة مع سوريا وفي الوفاء لسوريا الأسد التي مدّت دائماً يدها البيضاء الى لبنان وكانت الشقيقة وقت الضيق واخيراً وأولاً ودائماً حفظ لبنان وفي قلبه ا لجنوب والبقاع الغربي وفي حفظ الجنوب والبقاع درعاً ومنارة للعرب ولبنان وعشتم وعاش لبنان.