خطاب الرئيس نبيه بري في الذكرى السنوية الثانية والعشرين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه ـ مدينة صور

هل ترانا في عرس يغيب عنه العريس؟

ام ترانا في عيد الحزن الابيض؟

واية تنويعات مرة تلك التي تندلع على وتر جرحنا؟

العريس الذي ذهب يدق على ابواب الرمل، ليطلق صرخته في ضمير النخل، ويعود الى عروسه الجنوب، لكنه لم يعد.

ولاننا منذ ان غادرنا، ونحن نفتح في ضمير اللغة ركناً ل العائد، ونفتح باب الدار لعله يأتي مبكراً ذات فجر، ونحن نكسر كبوتنا فيدخل على رؤوس اصابعه ويصلي صلاة الفجر ويزيح عن اعيننا الدجى.

ولاننا كذلك منذ ان غادرنا وقعنا في الحزن الابيض،

فرحنا لا يكتمل وقمرنا لا يكتمل ولغتنا لا تكتمل والواننا لا تكتمل،

وورودنا تتلبس الشبهات، وظلالنا تنكسر فوقنا،

والحمائم لا تهدل في اعراسنا، واعمارنا تنهدم فينا ثم لا يأتي.

وانت منذ غادرتنا كاد البر يزفرنا وكاد البحر يشهقنا، ولكننا انتبهنا الى وصاياك،

وصرنا نجمع حناننا وتحناننا واشواقنا وشهادتنا وانتظارنا وانتصارنا اليك،

لعلك اذ تأتي تجدنا وقد تقدمت كتيبة كوكبا الى خط عيونك الازرق على الحدود،

وتجد ابناءك ورفاق دربك شمران، عباس الموسوي، محمد سعد، محمد يعقوب وبلال فحص، مدارس لاطفال الجنوب الذين سرعان ما يكبرون على نهجك وخط الخط.

يا سيدي

يوم غادرتنا كان الجنوب يكبو فوق جراحه وكان قتيل مكانه ملغوماً بجنائر بيضاء، كان الخوف يبزغ منا فضاحاً وكان لبنان يشبه جثة نزفت على الاوراق، كان كأنه رماد لحنين النار.

ومشيت طريق الجلجلة يا سيدي الامام الصدر الى عواصم العرب، تحمل صرخة مرجعيون وبنت جبيل، تحمل صرخة حانين وكونين ويارين، تحمل صرخة مارون ويارون وعيترون، تحمل صرخة عين ابل ودبل، تحمل صرخة عيناتا وحداثا، تحمل كل ذلك الصوت لعل سامعي الصوت يغسلون جراحنا ويطفئون

ملحهم في بحرنا، ويفتحون عيون قصائدهم على حلاوة ارواحنا، ولكن من عاصمة الى عاصمة لم تمد سوى دمشق يدها البيضاء الى لبنان، وامتدت اليكم اليد السوداء، ولكنك يا سيدي الامام الصدر كنت قد غرست في ارضك الطيبة بذرة الامل الطيبة فأينعت، وانتظم المخلصون خلف اسمك وطهروا الجنوب من كل دنس، وطردوا التجار من هيكل الكلمة التي كانت في البدء هي: الله

ايها الاعزاء

من دواعي الاستغراب ان نشهد منذ ايام مسرحية اطلاق سراح رهائن بينهم لبنانية ماري معربس بوساطة رسمية ليبية، وان كنا نعبر عن  فرحنا ونقدم التهاني لآل معربس بحرية ابنتهم فاننا نقول ان بعض ما جرى مسرحية دولية لان الدخول الرسمي الليبي على خط قضية الرهائن هو مسرحية لا تثير الاستغراب فحسب، بل تثير السخرية والسخط لان تجربتنا الطويلة والمرة والتي اغمض العالم عيونه عنها مع ( الجماهيرية العظمى) هي اولاً ان الداخل اليها مفقود ما عداك يا معالي وزير الموارد المائية وثانياً انها تكشف للاسف ان نظامها وحاكمها مدرسة دولية في تنظيم الارهاب الرسمي واختطاف الرهائن.

لن اعيد الكلام عن نتائج التحقيق واكتفي بالقول: ان الامام الصدر ورفيقيه فضيلة الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين لا زالوا محتجزين في ليبيا منذ نهاية آب 1978، حاكم ليبيا معمر القذافي هو المسؤول شخصياً عن جريمة اخفائهم.

واقول انه على القذافي اننا لسنا كغيرنا يمكن الضحك على ذقونهم وشراء تبغهم، ان تبغ الجنوب لن يباع اليه على الاطلاق، انه امر مما يتصور.

واقول انه على القذافي الاقتناع باننا لسنا كغيرنا يمكن الضحك على ذقونهم بتمثيليات الوحدة القطرية مع كل بلد عربي على حدة وعلى مساحة المغرب المغربي وبالانتقال الى تمثيليات الوحدة الافريقية وصولاً الى تفريغ فكرة الوحدة من محتواها، وباننا في لبنان نعرف عنه حقيقة واحدة ثابتة هي انه خاطف ومحتجز رهائن لبنانيين في طليعتهم مؤسس وقائد المقاومة الوطنية اللبنانية التي مكنها بسلاح الحقيقة والاستشهاد من تحرير ارضها، وان هذه المقاومة كل المقاومة حزب الله قبل حركة امل ستبقى تعتبر اختطاف الامام الصدر فعلا مشبوهاً لمصلحة العدو الاسرائيلي تم من اجل القضاء على بذرة المقاومة واخماد روح المقاومة فينا.

اننا نعرف الكثير من الحقائق الاخرى المرتبطة بذلك النظام وبلعبه على حبال قضايا الشعوب وحقوقها، وعن تبديد الثروة الوطنية للشعب الليبي على ثورات مزعومة ذات اليمين وذات اليسار.

ولكن الحقيقة الاهم هي اننا نريد تحرير قائدنا والكشف عن حياته وهي حقيقة لن نسكت او نغفل عنها او نتسامح تجاهها او ننساها على الاطلاق، تذكر اننا اولاد عاشوراء.

ثم ها نحن في صور، ها نحن في بيت بيوتك، ها نحن في مدينتك يا سيدي الامام الصدر ها نحن في المدينة البطلة التي من ارضها بدأنا، والتي اقسمنا خلفك فيها اليمين في الخامس من ايار 1974.

ها نحن وبعد انقضاء اثنين وعشرين عاماً، نقف في نفس مكانك وفي زمانك، زمان المقاومة، نقف في مكانك، الذي قلت فيه في ذلك اليوم الخالد

نحن اقسمنا اننا سنكون جنود الوطن، بناة المستقبل لا نريد فساداً في الارض، ولا نريد هدم هذا البلد، نريد انقاذ البلد من الذين اعتبروه مزرعة يسرقون وينهبون.

في ذلك اليوم، اتذكر انك قلت: ليس في صور مدرسة حكومية واحدة، مجلس الجنوب بنى مدرسة واحدة في محلة البص وجمدت، وتساءلت: لماذا؟ واجبت: لان اموال مجلس الجنوب يجب ان تصرف للفتن والارهاب والترغيب ويومها قلت، الدولة لم تدفع حتى الان تعويضات عن ضحايا بنت جبيل.

يومها يا سيدي الامام الصدر نبهت الحاكمين وقلت لا تصنفوا الناس، لا تميزوا بين الطوائف، اعطوا الحقوق لكل الطوائف ونبهت ان الشرط الاول في مسؤوليات الدولة هو الدفاع عن الوطن بدءاً من الجنوب.

وها نحن يا سيدي الامام الصدر في مكانك: صور وفي زمانك: زمان المقاومة، نقف امام حضورك فينا، امام ابنائك الذين كنا مسؤولين امامهم ولا عنهم، لنقدم كشف حساب كما في كل محطة من محطات الوفاء لخطك ونهجك.

اولاً: ها هي صور عاصمة حركتك التي كانت مقهورة ومغلولة ومحرومة، تعود مسكونة بتاريخها، عاصمة للمقاومة ومكاناً للمهرجان، ومركزاً للثقافة ومدارس، واسواق وشبكة مواصلات عصرية وغداً ميناء تجارياً وميناء للصيادين.

ثانياً: ها هو  مجلس الجنوب الذي استعدناه مؤسسة لدعم الصمود يفتح شهية الارض والانسان على الماء وينجز على التوالي مع وزارة الجنوب مشروعات مياه الشفة في وادي جيلو- آبار فخر الدين- لوسي تفاحتا، ويسارع لبلسمة جراح عطش بنت جبيل وقريباً مشاريع اخرى.

وها هو مجلس الجنوب يكاد ينجز شبكة المؤسسات التربوية على مساحة الجنوب.

ها هو حيث يهمل الاخرون، يمد شبكات المياه والكهرباء والمواصلات اضافة الى مهمته الاصلية في تعويض اضرار العدوان الاسرائيلي، والتي ستشمل في المنطقة الحدودية المحررة الاصول والفروع. بل اننا سنبني القرى السبع في الدونمات التي انتزعناها من اسرائيل.

لذلك اقول لاهلي في البقاع الغربي والعرقوب وحاصبيا وبنت جبيل وجزين واقليم التفاح وكل قرية وبلدة اطمئنوا التعويضات ستكون شاملة رغم انها وفي كل الحالات لا تساوي جزءاً ضئيلاً من تضحياتكم، بالمناسبة وزع في جزين منشور من اقوال دولة الرئيس بري اذا لم تصوتوا للائحة المقاومة لن ندع الدولة تشتري تفاح جزين هذا هو مستوى الكلام الذي يقولونه وخطابهم.

ثالثاً: ها نحن يا سيدي الامام الصدر ندخل عصراً مختلفاً للدولة، عهداً اقسم فهي سيد العهد مثلنا على بناء دولة لا تصنف المواطنين ولا تقهرهم، عهداً يتجه بالوطن والمواطن الى دولة القانون والمؤسسات.

ونحن يا سيدي من موقع المشاركة في بناء الدولة ومن موقع المسؤولية في الدولة وباسم ابنائك في امل سنثبت كما دائماً:

ان بيننا وبين لبنان ميثاقاً ابدياً، وان الوطنية ليست شعاراً ولا ارباحاً ولا مكاسب ولا متاعاً للمساومة وللعرض والطلب، وباننا سنجسد ايمانك بان الوطن حق وواجب ولا يمكن فصل احدهما عن الاخر وان الحق من دون واجب صفة للمزرعة، وان الواجب من دون حق، استعمار محض، وكلا الامرين مرفوض.

رابعاً: لقد تخلت الدولة السابقة عن واجب الدفاع، وتركت الوطن والمواطن مكشوفاً امام العدو دون وسائل قتال ودون اسباب صمود، ولكنك يا سيدي كنت قد غرست بذرة المقاومة الطيبة في الارض الطيبة، فنقلنا السلاح من محاور التقاتل الداخلي الى الجنوب، وجعلنا كل الجهات الجنوب، وتمكنت طلائع المقاومين من ابنائك في افواج المقاومة اللبنانية امل وفي المقاومة الاسلامية من انجاز الانتصار ودحر العدو، واثبات عجز القوة الاسرائيلية المسلحة باحدث الوسائل القتالية للحروب. عن تطويع وتطبيع شعبك، وتمكنا من اسقاط نظرية ان اسرائيل تمثل استثناء لا تطبق عليه القرارات الدولية، الى درجة انها اخذت ترجو تطبيق قرار مجلس الامن الدولي رقم 425.

لقد كان عهدنا اليك عام 1996 وعشية الانتخابات النيابية التحرير والتنمية وها نحن يا سيدي انجزنا وعد التحرير.

ان التحرير لم يكن ضربة حظ ان التحرير كان درباً شاقاً من المعاناة والصبر والمقاومة بدأها ابناؤك الذين صدقوا وعدك وانتقلوا الى جبهة الجنوب منذ ان صرخت في برية الوطن: قاتلوهم بأسنانكم واظافركم وسلاحكم مهما كان وضيعاً.

والتحرير كان معجزة بل ليلة قدر انفتحت على المؤمنين الصابرين المحتسبين من ابناء كل طوائف الجنوب والبقاع الغربي ولبنان الذين عاشوا تحت رحمة الفتن والاعتداءات والاجتياحات الاسرائيلية والمجازر والتشريد.

والتحرير كان فعلاً وطنياً لبنانياً، الا انه ارتكز في واقعه على دعم وتوجيه ورعاية الشقيقة سوريا والجمهورية الاسلامية الايرانية.

ان هذا المثلث الماسي لبنان وسوريا وايران هو الذي صنع معجزة النصر، والذي اكتمل بعناصر الصمود والمقاومة والوحدة الوطنية وسنكمل هذا النصر باذن الله باستعادة مزارع شبعا بالتأكيد.

ان هذا النصر هو نتاج عصر الامام الصدر (اعاده الله)

ان التحرير هو هديتنا اليك في هذا الموسم يا سيدي الامام الصدر، اتشرف بان اضعها باسم المقاومين المجاهدين في امل وحزب الله وساماً على صدرك.

اما بالنسبة الى وعد التنمية، فاننا اليوم يا سيدي الامام الصدر نجدد لك وعدين: وعد المقاومة، وعد الحفاظ على روح المقاومة وعد العمل من اجل بناء مجتمع المقاومة، ووعد استكمال عناصر التنمية.

وتكفي العبارة الشعبية التي كانت تتردد على كل لسان للتعبير عن واقع الحال قبل ان يدخل الجنوب عصر بلال فحص وقبل ان يدخل لبنان عصر المقاومة.

لقد كانت تلك ( كل شيء زفت الا الطرقات) هي تلخيص لصورة الواقع، توجتها نتائج سياسة الحرمان والاهمال وانحسار السيادة الوطنية وتمزق اوصال الوطن تراباً وشعباً وقيماً واعلاماً وقانوناً، وتحول لبنان الواحد الى بلاد عدة، وشعبه الى اشلاء

ان قيام سوريا بمد يدها البيضاء الى لبنان وبروز المقاومة شكلا العنصر الاساس لاستعادة وحدة لبنان ومشروع الدولة.

سيدي الامام الصدر

الحضور الكريم

لقد شاركنا في الدولة من موقع المقاومة وهو الموقع الذي يعبر عن احساس سياسي واحساس اجتماعي واحساس ثقافي واحساس اقتصادي متفوق بمطالب ومشاعر الناس. وقمنا انطلاقاً من وزارة الجنوب بالعمل على خطين: تعزيز المقاومة بوسائل القتال، وتعزيز الصمود، واعدنا ربط الجنوب بشبكة الطرقات الملحة، وبدأ الجنوب منذ ايام يتصل رويداً رويداً باوتوستراد بالعاصمة وكل لبنان، ونحن متأكدون اننا في هذا العهد سنتمكن من استكمال هذا الاوتوستراد حتى الناقورة، ومن المباشرة باوتوستراد الناقورة- بنت جبيل- مرجعيون- طريق الشام، ومن المباشرة باوتوستراد اقليم الخروب- جزين.

اننا اليوم نقطع وعداً للامام الصدر باننا لن نقبل انن تكون مناطقنا الحدودية مناطق مهددة بالتصحر مقابل اسرائيل التي تبرز كمساحة خضراء والتي جمدت حياتنا طيلة اثنين وخمسين عاماً.

ان ما نحتاج اليه بالواقع هو توفير مياه الري، فاذا كنا على باب الالفية الثالثة نبكي العطش ونحاول جاهدين جر المياه بوعود وزارة الموارد فكيف سنصدق مشاريع البرك الاصطناعية ومعامل تجميع الحليب وانتاج الالبان والاجبان.

انني هنا سأتوقف قليلاً لاؤكد لاهلي اننا بادرنا الى اجراء اتصالات، وتلقيت وعداً من قيادة الجمهورية الاسلامية في ايران بدعم المشروعات الزراعية، ومشروعات الصناعة السمكية ومساعدة الصيادين وصولاً الى دعم المشروعات الصناعية الخفيفة ومنها صناعة السجاد.

كما انني اتوقع مبادرة من جمهورية مصر العربية التي سلمت كبار مسؤولي الدولة فيها ملفات عن الحاجيات الملحة لجنوب لبنان.

سيدي الامام

ايها الاعزاء

ان اولى المشروعات التي نتطلع اليها هي حلم الامام الصدر وحلم ابراهيم عبد العال مشروع الليطاني.

انني باسم ( لائحة المقاومة والتنمية) اتعهد بالعمل لتوفير الاعتماد  اضافة الى المساعدة المالية المخصصة من صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة من اجل انجاز: مشروع الليطاني.

كما انني باسم هذه اللائحة اتعهد بالعمل لتوفير الاعتمادات اضافة الى المساعدات المالية المخصصة من دولة الكويت من اجل تجهيز المستشفيات في المنطقة الحدودية اضافة الى مستشفى قانا. ان اولى اهتمامات لائحتنا هي دون شك، توفير فرص العمل، ان المشاريع التي تحدثت عنها من شأنها ان توفر الفرص للعمالة المنتجة.

انني والقوى والفاعليات التي تشكل (لائحة المقاومة والتنمية) ومعنا النقابات والاندية والجمعيات ومؤسسات الرأي العام الثقافية والاعلامية، معنيون اولاً ودائماً واخيراً بالحد من تصدير ابنائنا، في هذه المناسبة اكثر ما المني منذ التحرير حتى اليوم ما قرأته في احدى الصحف اليوم بان الف وخمسمائة تلميذ من ابنائنا من ابناء الشريط الذين ضلوا السبيل ولكن هؤلاء ابناءهم لبنانيون، وذهبت بهم وزارة التربية الاسرائيلية الى المدارس لتعلمهم العبرية ان هذا الامر يجب ا لا تتوقف عنه الدولة اللبنانية بل يجب ان تلجأ حتى الى مجلس الامن للمطالبة بهؤلاء، ان هؤلاء ابناءنا، واقول مرة اخرى واناديهم واقول: زيوان بلدكم ولا قمح اسرائيل. عودوا الى لبنان، ان القضاء اللبناني يبقى ارحم لكم، هؤلاء الاطفال يضرسون لانكم انتم اكلتم الحصرم، تعالوا مع ابنائكم الى هنا والقضاء اللبناني يتكفل بكم، اننا لا نريد ابداً لاهلنا في الجنوب وقد تحررت ارضهم ان يكونوا محرومين من ارضهم او محرومين في ارضهم.

لقد وقعت مهمة تحرير ارضنا علينا وتحملنا مسؤولية التاريخ والجغرافيا ولكن مهمة تحرير الانسان من العوز والفقر وتأمين حقوقه في عمالة منتجة وفي الوصول الى القوت هي مسؤولية الدولة. لذلك فان مهمتنا ستكون التركيز على بناء مسؤولية الدولة ودور الدولة الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي كما الدفاعي والامني، وذلك من اجل تنمية شعور الانسان في كل لبنان والجنوب وخاصة بالحرية وليس بالتحرير فقط.

اقول بالحرية لان الانسان في هذه الارض المعذبة ان له ان يشعر بانه حر الانتماء الى هذه الارض وفخور بالانتماء اليها. وانه هنا على هذه الارض ستتوفر له المؤسسات التربوية والصحية والكهرباء والماء والاتصالات والمواصلات واولاً ودائماً العمل.

ومن هنا قلت الحرية، لان التحرير الذي لا يؤدي الى الحرية هو استبداد مطلق.

لذلك فاننا في حركة امل كما في حزب الله ومعنا الاحزاب والقوى الوطنية المؤتلفة معنا لن نسمح باغتيال انجاز التحرير دون اقتناص عائد الحرية الذي جاهدنا وناضلنا وكافحنا من اجل الوصول اله.

ان تحرير الارض لن تشغل مساحته حركة ابنائه واهله سيؤدي الى فراغ تقع مسؤوليته على الدولة.

ان هذا الفراغ اذا تكرر سيعلم العدو مجدداً الحرام وسنقع مجدداً فريسة الوحش الاسرائيلي.

ايها الاعزاء

ان فصلاً من جردة الحساب المفترض ان اقدمها لكم اليوم تأكيداً لحضور الامام الصدر القوي فيكم هو الفصل المتعلق بحركة امل

لقد احاط ليل كثيف بحركتكم منذ انطلاقتها، حيث اندلعت الحرب الفتنة، ثم جرى الاجتياح الاسرائيلي للجنوب، ثم اختطف مؤسس الحركة وقائدها الامام السيد موسى الصدر، ثم تحول الجنوب الى حقل رماية وجرى الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، وكل ذلك وسط استمرار وقائع الفتنة الداخلية التي عصفت بالوطن ولم نستطع وسط كل ذلك التقاط انفاسنا، الا اننا بين الطلقة والطلقة تمكنا من انتزاع المبادرة لتحويل الانظار عن الوقائع الداخلية المخجلة الى الجنوب، واطلقنا مقاومتنا وبالترافق معها وقعت انتفاضتنا وتم اسقاط  17 ايار، وتم كذلك توقيع اتفاق الوفاق الوطني الذي تحول الى دستور، واسسنا لمشاركة رسمية وشعبية في مقاومة شاملة ضد الاحتلال الاسرائيلي، واستطعنا بناء صمود شعبنا في ارضه ليكون البحر الذي تهدأ امواج مقاومته، واستطعنا مع الباقين  تحرير نصف الجنوب واكملنا مع اخوتنا الجهاد حتى دحر العدو.

اننا اليوم وبعد ان تم توحيد الارض والشعب وفي ظل استقرار النظام العام لا بد ان نقف كحركة سياسية مجاهدة تحت مجهر النقد الذاتي، وان نعيد تشكيل مهمتنا ومشروعنا وهيكلنا التنظيمي.

ان هذه الحركة ستبقى الوعاء التنظيمي لفدائيي حدود ارضنا المقدسة، لان لبنان يشكل دولة تحد اما اسرائيل، ولان اسرائيل لن توفر وسيلة للانتقام من لبنان. ولان الاطماع الاسرائيلية قائمة، ولان الابعاد المائية والاقتصادية للغزوات الاسرائيلية لازالت قائمة، وايضاً لان مشروع التوطين لازال مطروحاً وهذا المشروع المؤامرة يؤكد ان القضية اللبنانية والقضية الفلسطينية وجهان لعملة واحدة.

اما مشروع الحركة العقائدي ومشروعها السياسي فسيتمسك على الدوام بانه حركة تنطلق من الايمان الحقيقي بالله لا بمفهومه التجريدي، وهي تعتمد اساساً على الايمان بالانسان، بوجوده، بحريته  وبكرامته، والتصدي لكل انواع الظلم من استبداد واقطاع وتسلط وتصنيف للمواطنين وتعتبر ان نظام الطائفية السياسية يمنع التطور السياسي ويجمد المؤسسات الوطنية ويصنف المواطنين.

ان حركتنا ستثبت على الدوام  انها حركة وطنية تتمسك بالسيادة الوطنية وبسلامة اراضي الوطن، ومحاربة الاستعمار والاعتداءات والمطامع التي يتعرض لها لبنان. والحركة تعتبر ان التمسك بالمصالح القومية وتحرير الارض العربية وحرية ابناء هذه الامة هي من صميم التزاماتها الوطنية لا تنفصل عنها.

وبالنسبة للمشروع التنظيمي للحركة، فان معايير المسؤولية ومعايير المسؤول كانت تعتمد على التدابير الملحة لمواجهة الاوضاع الاستثنائية التي كانت تضغط على الوطن، مما سبب في كثير من الاحيان نزفاً وخسارة للكوادر ووضع الحركة امام امتحان وجودها وضيق على انفاسها.

اننا اليوم وبملء حريتنا نختار الديمقراطية كعملية تنظيمية لا كحدث تفرضه مؤتمرات الحركة.

اننا في اليوم الذي يلي الانتخابات النيابية اي في  4 ايلول سنبادر الى اعداد اللوائح التنظيمية لعملنا ولوائح الاعضاء ونمهد لعملية انتخاب من القاعدة الى اعلى الهرم التنظيمي.

ان هذه العملية الديمقراطية التي ستبقى مستمرة ستفتح الباب على المساءلة والمحاسبة التنظيمية ارتكازاً على النظام.

ان هذه الحركة لن تكون بعد اليوم حركة مرشحين او مستوزرين او نواب او موظفين.

انها ستكون حركة الناس المعبرة عن مصالحهم، والتي تتبنى الحاجات وتعيش حرمان المواطنين، وتدرس الحلول وتتحرك وتناضل الى جانب المحرومين، وهي لن تغطي مخطئاً مسيئاً او مرتكباً وهي لن تسعى للحلول مكان السلطات المحلية البلدية او الاختيارية بل ستكون عنصراً مساعداً بتشكيل لجان الخدمات واللجان الانمائية.

وغني عن القول في مشاريع الحركة السياسية والعقائدية والتنظيمية سيبقى العنوان الاساس هو ان نصون الجنوب والدفاع عنه وتنمية لبنان ورفع الحرمان عن بعلبك والهرمل وجرود جبيل وعكار جوهر الوطنية واساسها، اذ لا بقاء للوطن من دون الجنوب، ولا تصور للمواطنية الحق من دون الوفاء للجنوب.

ايها الاعزاء

اننا في تحالفاتنا الداخلية سنثبت الآن وكل لحظة ان ائتلافنا مع الاخوة في حزب الله ليس تكتيكاً انتخابياً مرحلياً، بل هو خيار استراتيجي واننا نصادق وننسق ونتعاون بشرف. ان هذا التحالف سيكون ثابتاً وراسخاً، ان اعرف انا هناك اخباراً كثيرة تقول ان حزب الله يريد ان يشطب، وان حركة امل تريد ان تشطب، لان كل واحد يريد ان يكون الاعلى في اللائحة هذه سخافات، ان الاعلى يجب ان يكون الجنوب والذين باتوا تحت التراب من الشهداء الذين قاموا في الحزب القومي وحركة امل وحزب الله ومن باقي الشهداء اننا سوياً سنحافظ على روح المقاومة وعلى ديمومة شعلتها في صدورنا وفي سلوكنا وفي حياتنا اليومية وفي صلب موقعنا الوطنية.

اننا سوياً ومعاً سنتحمل مسؤولية تنظيم علاقتنا بما يمكننا من بناء الاستعداد المطلوب لتحصين المنطقة الحدودية وتحسين اوضاعها الاجتماعية والاقتصادية وتجاه انجاز المشاريع المدروسة والمقررة والموعودة واولها مشروع الليطاني.

كما اننا سنتحمل مسؤولية الدفاع الى جانب جيشنا الوطني اذا ما تهدد لبنان مجدداً بأي عدوان اسرائيلي.

اننا سنعمل متكافلين متضامنين من اجل تكوين الدولة الحق وتحمل مسؤولياتها المباشرة حتى يشعر المواطن ان الانتماء للدولة هو البديل الكافي لحمايته ولصيانة حريته وقوته وكرامته.

اننا سنشكل على الدوام ضمانة علاقة المصير المشترك مع سوريا ليس وفاء لتضحياتها تجاه لبنان وقيامته ومقاومته فحسب بل لان هذه العلاقة هي مصلحة استراتيجية عميقة للبنان تتجاوز التاريخ والجغرافيا واللغة وعلاقة الدم وكل ما يحمله الماضي والحاضر من تراث انساني مشترك، متجاوز كل ذلك الى التزامنا الوطني والقومي بالتضامن والتكافل لمواجهة حاجات المستقبل.

ايها الاعزاء

انني علة منبر الامام الصدر، وفي مدينة الامام الصدر وامام الامام الصدر الذي يرتسم في عيونكم ويحتل عرش قلوبكم اعترفت امامكم كمسؤول بالحقيقة كل الحقيقة، متمنياً عليكم تعزيز ثقتنا بانفسنا وثقتكم بقيامة لبنان، وتجسيد ثقتكم بخط المقاومة والتنمية الذي رسمه سماحة الامام القائد السيد موسى الصدر برفع مشاركتكم في الاستحقاق الوطني المتمثل بالانتخابات االنيابية.

ان الاعتقاد بانه لا توجد معركة هو اكبر غلطة الا تعلمون ماذا يحصل؟ ان كل الناس تآلفت مع بعضها البعض ويتآلفون من اطراف الباكوات الى اطراف الرفاق. ان عنصر المال الذي لم يتعود عليه الجنوب اتوا به الآن، ولقد اتوا بمال غير لبناني وانا مسؤول عن كلامي اننا اتساءل لماذا الرئيس كامل الاسعد لم يرشح احد في لائحته على الاطلاق في دائرة الزهراني؟ لماذا يرشح اشخاصاً يعرف انهم لا ينجحون.

ان القصد ان يأخذوا من طريق علي عسيران ابن عادل عسيران الرجل العربي الذي اعرف مواقفه جيداً وتاريخه الوطني ومواقفه في بشامون وجنيف، صدقوني لقد جرى دفع اكثر من ثلاثة ملايين دولار لكي يخرقوا سد المقاومة وقلعة المقاومة بان يتمكنوا من انجاح واحد من العائلة الكريمة وهو على قائمة الرفيق ومؤيد من البيك، وهم يتكلمون على امرين: ان امل وحزب الله مستخفان بالمعركة وعلى التشطيب ايضاً من اجل ان يخرقوا، لا والله لولا الكرامات لحدثتكم عن العروضات التي تمت من اجل ان اضم اشخاصاً من اللائحة، وهذا ابداً غير وارد، ارجو كل الرجاء ان كل من يريد ان يشطب اي واحد وخصوصاً علي عسيران وميشال موسى اطلب منه ان يشطبني انا يقال انه اذا لم تخرق اللائحة لا تكون هناك ديمقراطية. بالامس في الشوف الله يهنيه  وليد جنبلاط اخذ كل اللائحة ولم يعتبروا ذلك ضد الديمقراطية.

لماذا اذن اذا تآلفت كل الناس في الجنوب تكون المسألة ضد الديمقراطية اننا نخشى ان نكون مستهدفين ولا اقصد الذين ينتظروننا، ولكن عودة التهديدات الاسرائيلية اليوم، وان الاخوة في حزب الله يعرفون تحليلات اسرائيل حول الانتخابات وماذا اذا كانت هناك ردة نتيجتها انا لا اصنف احد ولكن كل القصة قصة منهجية والانتخابات كانت تعبيراً عن المقاومة قي الجنوب، واريدان اقول ردة اخرى ما هو المستغرب في التحالف، لقد كنا عام 1992 متحالفين وهم خرجوا لم نكن ايضاً عام 96 متحالفين؟ فلماذا التطبيل والتزمير. ان الموضوع الدب غنى الف موال ومواله في الجاص.

ان الانتصار الذي حققته المقاومة بدحر العدوان الاسرائيلي يحتاج الى تحصينه بأصواتكم لصالح لائحة المقاومة والتنمية المؤلفة من السادة مع حفظ الالقاب:

الزهراني: علي عسيران، ميشال موسى، نبيه بري.

جزين: سمير عازار، انطوان خوري، جورج نجم,

صور: علي يوسف الخليل، محمد عبد الحميد بيضون، عبد الله قصير، علي خريس.

بنت جبيل: ايوب حميد، محمد فنيش، على احمد بزي.

النبطية: عبد اللطيف الزين، ياسين جابر، محمد رعد.

صيدا: بهية الحريري، مصطفى سعد.

مرجعيون: انور الخليل، اسعد حردان، علي حسن خليل، نزيه منصور، قاسم هاشم.

انني ادعو امهات وزوجات واخوات وبنات وابناء االشهداء الى الادلاء باصواتهم.

انني ادعو امهات عائلات مزارعي التبغ الادلاء باصواتهم.

انني ادعو امهات عائلات صيادي الاسماك والعمال الى الادلاء باصواتهم

انني ادعو المرأة التي اكدنا دائماً وقوفنا الى جانب مشاركتها العالية في كل ما ينتج حياة المجتمع والدولة والى فتح ابواب التعليم العالي امامها والوظيفة واسواق العمل الى الادلاء بصوتها.

انني ادعو الشباب الذين سيكون استثمارنا الاساسي على طاقاتهم وامكانياتهم ودورهم الى منحنا ثقتهم.

انني ادعو المثقفين والمبدعين الذين نشاركهم الموقف مؤكدين اننا سننحاز دائماً الى جانب تحقيق الضمان الصحي سندعم مطالبهم في ايجاد مراكز لمؤسساتهم.

انني ادعو الاندية والمؤسسات والجمعيات الرياضية والكشفية والنسوية والانسانية الى لعب دورها في المشاركة في العملية الانتخابية.

ان مشاركتكم ستدعم دون شك مهمة لائحة المقاومة والتنمية المخلصة في تعزيز دولة القانون والمؤسسات وترسيخ النظام البرلماني الديمقراطي وفي دعم استقرار النظام العام وتثبيت انموذج العيش المشترك الذي يمثله لبنان.

ومشاركتكم في سعينا المشترك لبناء سلام عادل وشامل يركز على تحرير الارض العربية المحتلة وتاكيد حق اللاجئين في العودة، واستعادة القدس باعتبارها قطعة من السماء لا من الارض لا يمكن بيعها او شراؤها او التنازل عنها وباعتبارها مسؤولية عربية واسلامية ومسيحية.

مجدداً ها انا ذا في حضرتك يا سيدي الامام الصدر

ايها القائد المبشر الذي حرضت التراب ليوقظ الانسان فينا، والذي حرضت الليل ليجادل الاحلام فينا، والذي حرضت الشتاء ليفتح صاعق الامطار بوجه اعدائنا والذي حرضت ضوء الشمس كي يكوي الاعادي، والذي حرضت العصافير لتغرد رؤاك، والذي حرضت النهار ليفتح صدر باب الجبل لاملنا المفاخر والذي حرضت حزن الكون فينا لنعبر حاجز الاسلاك والالغام فنعود الى حد حدودنا ونكتب مدائننا وقرانا على باب الحياة.

لك يا سيدي المجد الذي يعلو عمامتك رأس جبلك العاملي

يا من لا تزال تحيا مع السجان، وتكتب فينا ابجديتك السهلة الممتعة: أمل – المقاومة – التعايش – لبنان.

ويبقى ان عرس اعراسنا لن يكتمل الا بعودتك الى حيث زرعت بذار أمل الطيب في الارض الطيبة.. في لبنان.

عشتم عاش لبنان

هذه التدوينة نشرت في ذكرى تغييب الامام الصدر. الإشارة المرجعية.