شكراً دولة الرئيس نبيه بري

كتب شارل ايوب
الحمد لله ان الزعماء عندنا لديهم حرية مواقف واتخاذ برامج لكن
الحمد لله انه عندنا الرئيس نبيه بري اطال الله عمره لانه منذ ثلاثة اسابيع كل
الابواب كانت مغلقة لا احد يريد ان يحاور الاخر ولا احد يريد ان يبحث مع الاخر حتى
انهم رفضوا القبول بالجلوس تحت قبة المجلس النيابي الذي هو ام السلطات وام الشرائع
وهو مركز ثقل التمثيل الشعبي. رفضوا، سواء 14 او 8 اذار، من خلال شروط وشروط مضادة
ان يجلسوا تحت قبة مجلس النواب.

لكن انا كشارل ايوب لي 25 سنة اسست جريدة
الديار لست من المترددين بكثرة الى عين التينة، لكن الحق فإني احب الرئيس نبيه بري
واحترمه واقدر هذه الحنكة والحكمة والذكاء وهذه اللبنانية العميقة المتجزرة في نفسه
وكلما سمعت منه خطابا يحكي عن رائحة زهر الليمون وكلما تحدث عن سهل الجنوب والشمال
والبقاع وكلما تحدث عن موضوع سياسي اقتنعت يوما عن يوم بانني متواصل مع عين التينة
ومع الرئيس بري شخصيا دون ان ازوره شهريا او اسبوعيا لكني اشعر بالقرب من عقله ومن
طريقة واسلوب عمله السياسي الذي هو فعلا اسلوب مميز.

رجل دولة من طراز اول،
عندما رأى ان الكلام لا يفيد قال ذات يوم اني صائم عن الكلام كما صيام الانسان عن
الاكل وكما صيام رمضان الكريم والفصح المجيد كذلك كان الرئيس بري يشعر انه من
الواجب الصيام وكان يقول اني صائم هذا الشهر كله وهو يدرك ان الكلام لم ينفع ويدرك
انه يجب ان يعود الكلام.

في البدء كانت الكلمة والحوار والنطق، كان الانسان
لا يعرف كيف ينطق، كان يعطي الاشارات، الى ان اصبح انسان الشعر والادب والفكر.

وهكذا الرئيس بري عرف ان اليوم هو يوم الكلمة والفكر وانتظر فترة من الزمن
ونحن قلنا ان مجلس النواب انتهى دوره وان الحكومة لا تنتج وللأسف لا نراها تقوم
بتعيينات وتشكيلات واصدار الموازنات ولا تشريع القوانين بل نرى حكومة تعيش على
سلفات كبرى بقيمة 10 الاف مليار ليرة لبنانية وتستمر الامور.

منذ اسبوعين
كانت الغيوم السوداء فوق البلاد حتى اليوم لو كانت ما تزال والرئيس بري يشهد له
الجميع انه عاد وجمع الجميع من 8 و14 اذار فالرجل وضع كل ثقله ليجمعهم. اتصل بدول
كبرى خليجية واوروبية فما كانوا ليجتمعوا وكان كل يفرض رأيه ويريد الزام الاخرين
به، لكن الرئيس بري استطاع الخروج من اللامنطق الى المنطق.

لو كان غير
الرئيس بري في رئاسة مجلس النواب لاثار ضجة كبرى عندما يطلب نائب ان تحصل اجتماعات
المجلس في منزله اي ان ينتقل المجلس وكرامته الى المنازل مع احترامنا لكل المنازل
والبيوت والنواب لكن لو فعل الرئيس بري لا سمح الله واجتمع في منزل احد لكانت
السلطة التشريعية سقطت كلها ولكن كيف يحصل ذلك والرئيس بري رئيس مجلس نواب والشاب
منذ خطوته في حركة امل في النضال مع المحرومين في حركة الامام موسى الصدر. من ناحية
ثانية انه متشبع شيعيا، عامليا، لبنانيا، وفي الوقت ذاته هو من مدرسة جامعة الحكمة
الى مكتب المحامي الشهير من عائلة لحود الى ناحية اساسية هي اعلى درجة في قيم
الانسان واخلاقه والى الحس المرهف التي لا يعرفها الا الشاعر وكيف اذا كان رئيس
مجلس شاعرا مثلك وارى ابياتك الشعرية تخرج من اضلعك ومن قلبك وانا اتحدث الى شاعر
مليء بالاحساس كما انه مليء بالعقل والحكمة واهم ما عندك وربما لا تعطيه الوقت هو
شعرك، فكم مرة سمعت بيتا من اشعارك وشعرت اني اسافر الى الافق الاخر، عاطفي ووجداني
ولا يعرفه الا شاعر مثل دولتك.

اضافة الى عروبتك حيث عروبة بري هي عروبة
الواقعية والمنطق وفهم الكيان اللبناني ضمن العالم العربي، سواء اتفق النواب ام
فشلوا في الوصول الى قانون الانتخاب، لم تعد مسؤوليته جمعهم ووضعهم امام مسؤولياتهم
واعادة الحياة الى قبة ساحة النجمة وهو الذي قال لهم : تعالوا الى المجلس وما هذه
الاجتماعات في المنازل والشقق والخروج على المؤسسات، وما هذه الاجتماعات الفردية ؟
تعالوا نجتمع ضمن المؤسسات وهناك لجنة فرعية مخصصة للقانون الانتخابي وتعالوا
ندرسها وترفعوا الي التقرير وبعدها نرفعه الى لجنة العدل وبعدها نسير الى الهيئة
العامة لمجلس النواب.

هذه خارطة الطريق التي رسمها الرئيس نبيه بري، يجب ان
ندركها وكيف كانت الغيوم السوداء ملبدة فوق لبنان في انقسامات وفي ظل اغتيالات
وغيرها ومع ذلك رصيد الرئيس بري وحنكته استطاعا جمعهم وجعل المجلس النيابي تعود
اليه الدماء.

انا لم يعد يهمني ما سيصدر عن اللجنة الفرعية من توصيات
فالمهمة اساسية ميزها الرئيس بري عبر اجتماع اللجنة الفرعية ونتمنى ان يكونوا قد
تقاربوا في وجهات النظر، وقد اطلق الرئيس بري مبادرته عندما اتصل بنائبه فريد مكاري
طالبا منه الاجتماع في لجنة فرعية واخبره انه في باريس وطلب منه مرة ثانية فكرر انه
في باريس.

كان النواب يذهبون الى الرياض عند الرئيس سعد الحريري للبحث في
الموضوع، اما كتلة عون وكتل 8 اذار بعضها متطرف ويرفض البحث الا في صيغة واحدة.

وفي ظل غياب طاولة الحوار التقط الرئيس بري رأس الحربة وامتطى جواده كقائد
لمجلس النواب وقال سأحرّك المجلس مهما تكن الظروف.

وبالفعل انطلقت الحركة
واجتمع القادة المسيحيون، واذا كان سمير جعجع لا يستطيع المجيء نتيجة تحالفه مع سعد
الحريري واذا كان العماد عون لديه حساسية معه فليست مشكلة بري فهو اليوم الميزان
الحقيقي لضبط الامور وهو الصوت اللبناني المدوي يقف الى جانب رئيس الجمهورية ولا
يحاول تخطيه ابدا بل على العكس فهو ينسق معه ومع وليد جنبلاط حتى مع سعد الحريري
بطريقة غير مباشرة ولم تصدر عنه اي كلمة تمس بتيار المستقبل.

يا دولة
الرئيس بري اقول لك انا ومجموعات كبيرة نلتقي معك سواء من خلال مندوبي الصحيفة
الذين يوازون 70 مندوبا او من خلال لقائنا مع الناس، انك حركت المؤسسات ومجلس
النواب والان اذا اتفقوا كان ذلك خيرا اما اذا لم يتفقوا فانك قلت لربك وللشعب
اللبناني انك قمت باكثر من واجبك.

فامض يا دولة الرئيس فاننا والله نحترمك
جدا، لم اطلب من دولتك طلباً شخصياً او سياسياً الا وكنت تساعدني، لكن لا علاقة لاي
شيء بما اكتبه الان لاني اكتب بوجدان شارل ايوب، بوجدان المرحوم والدي وبوجدان ابني
حنا ايوب وابني الثاني انطون، وعن ضمانة لكل لبناني، وعن ضمانة لكل طفل لبناني، لكل
رضيع، لكل شاب، لكل اللبنانيين، وكل فئاته اكتب لك واقول لقد ابديت قسطك للعلى فاذا
اتفقوا فهذا جيد والا فليتحملوا المسؤولية.

ألست انت الذي جلست على الطاولة
في لوزان ؟ يا جماعة الخير تفاهموا قبل ان تتفاقم الامور وتتحاوروا مع لابسي
الاكفان ومرت 28 سنة على كلامك ومرت على خير واما هم لابسو الاكفان هم من يدفعون
الثمن

انت الان لا تخدم 8 اذار بل تخدم 14 اذار، ليتهم يعرفون ان الجهد
الذي تبذلونه يخدمهم واذا كانوا لا يعرفون فانت تقدم اكبر خدمة لـ 14 اذار كي تكون
في كنف الدولة والوزارة والمجلس واللعبة البرلمانية السياسية.

شكراً دولة
الرئيس اذا كنت قرأت هذه المقالة واقول لك اتكلم من آخر ريشة من اضلاعي واتكلم من
اخر حنايا قلبي وبلغة العقل وبلغة الضابط الذي رأى الحروب حوله من 1975 وحتى اليوم
ومن الضابط الذي اصيب بجراح ونزف دما ومن الضابط الذي فقد رفاق دورته 19 ضابطا في
عز ريعان شبابهم ذهبوا دون سبب وكانوا يستطيعون البقاء والزواج ورؤية عائلة والحياة
والعيش بنعمة ربنا لكنهم استشهدوا وذهبوا.

شكرا لك يا دولة الرئيس بري
واقول : مهما يكن محضر اللجنة الفرعية لا تسأل عن احد اذا ارادوا ان يبقوا في
الخلاف فليبقوا 20 سنة فلا يهمنا لأننا قمنا بدورنا وسيندمون مهما طال الزمن وستبقى
انت يا دولة الرئيس اسماً لامعاً نجماً يضيء سماء لبنان وقوة سياسية تعرف حدودها
وتعرف اصول وقواعد المؤسسات ولذلك فنحن مرتاحون لوجودك ولكم نتمنى امراً واحداً هو
ان يبقيك مع العائلة بصحة جيدة واطال الله عمرك والخير والتوفيق لكل اللبنانيين.

هذه التدوينة نشرت في الرئيس في الإعلام. الإشارة المرجعية.