لا أعرف لماذا الأخ قبلان قبلان يحمل هذا الهم الكبير، أولاً للذي سيقول أن هذا المشروع مشروع إنتخابي، فعلى علمي أننا وضعنا حجر الأساس له عام 2004، هل كنا نعرف أنه عام 2009 سيصبح إيلي الفرزلي وعبد الرحيم مراد وغيرهما في المعارضة؟ ثانياً، للذي يقول أنه في موضوع الكهرباء، ليس هناك من حجة أبداً، في موضوع الكهرباء سيكمل المشروع، وشركة ورد تقوم بمصاريف كل المولدات اللازمة لو كلفت ملايين الليرات والدولارات. في النتيجة نحن مسؤولون عن التسديد إذا لم تسدد الدولة اللبنانية لا يوجد أي ذريعة أبداً لمنع المياه عن أهلنا على الإطلاق، نحن والحكومات والزمن طويل. أعترف أني مسكون بشغف الماء وأظل خائفاً من أن يضيع مني مفتاح الشتاء، فتتوه خطاي وتتعثر بحجارة المطر.
مرة بعد مرة كنت أقول في نفسي لعل مرد ذلك إلى الوجدان الكربلائي المحكوم إلى سلطة العطش، ولكن أحسب أنه إضافة إلى ذلك عشت مع أهلي من الناقورة إلى العرقوب إلى البقاع الغربي الحاجة إلى المياه المسفوكة أمامنا في البحر، أو الثروة المختزنة من الماء في أرضنا. كان نداء الماء ما انفك يسعى ورائي كشيء باطني غريب يختفي حين أسعى إليه. أتذكر في المدرسة الأولى في تبنين- بنت جبيل اننا في تحرك مطلبي أو سياسي أو أي تحرك كان يطفو على سطح ذاكرتنا نداء الماء. أتذكر أنه لم تكن تسكننا الراحة إلى أن يجد الماء صوتاً عبر فمنا. واستمر الأمر هكذا إلى التشكيلة الحكومية الأولى التي شاركت فيها واشترطت أن أكون وزيراً للدولة لشؤون الجنوب والإعمار فتم ذلك، ومنذ ذلك اليوم أخذت القرار المفيد جداً أنني تبعت البقاع الغربي إلى مجلس النواب وتوليت في الوقت نفسه، رحم الله رشيد كرامي، وزارة العدل ووزارة الموارد المائية والكهربائية.
عند التوصيف الثاني كدت أقع على ظهري من الضحك ليس لأن وزير الموارد وزير وصاية فحسب، بل لأن معلوماتي في الكهرباء هي في واقع الأمر صفر على عشرين، ولكني انتبهت إلى المسؤولية الوطنية عن الموارد المائية ومعها الكهربائية، عندما أمسك بيدي كبير مهندسي العرب الشهيد إبراهيم عبدالعال وأشار إلى ذاكرة الليطاني والمسوحات التي أجراها لمساقط المياه ومجاري الأنهر والمياه الجوفية، ورأيت نفسي أقف فعلاً على خط المقاومة الأول للحفاظ على ثروة لبنان المائية، واقف متأهباً بحماس ووفاء أمام مخطوطات ذاكرة الماء لهذا المهندس العظيم، وأولاً ودائماً أقف أمام المطلب الوطني للإمام القائد السيد موسى الصدر في الإستثمار على نهر الليطاني.
بعد ذلك، لم تكد تمضي أشهر قليلة حتى تجلت أي حياة الماء عندما رأيتني أقف أمام رجل أتعبته الأيام وأشغلته الخرائط وهو يفتح مجدداً أمامي كتاب الماء.
كان ذلك المهندس المرحوم أمسيان، وكان المشروع إستخراج المياه الجوفية من بحيرة عائمة في منطقة وادي جيلو، وقال لي أمسيان أما إن نبدأ نحن أو تبدأ إسرائيل وإذا بدأت إسرائيل لن تسمح لنا بأن نمد يدنا إلى الماء، وإمكانية ضخها على ثلاث مراحل لما يزيد عن خمسين بلدة وقرية. بعد ذلك طلبت أن يكون على رأس أولويات مجلس الجنوب إلى جانب شبكة المدارس المشروعات المائية وتم على التوالي: إنجاز مشروع تفاحتا الذي يسقي منطقة الزهراني، إنجاز مشروع آبار فخر الدين الذي يسقي مدينة النبطية ومنطقتها، إنجاز مشروع باتوليه الذي يوزع المياه باتجاه قضاء بنت جبيل، إنجاز مشروع مجمع آبار إبل السقي الذي يغذي منطقة مرجعيون. ثم حيث لم يتجرأ أحد في لبنان، وحيث كان الجميع يغطي وجهه بمنخل الماء خجلاً، أقدم مجلس الجنوب على مد يديه على بعض من حصة لبنان في مياه الوزاني.
أتذكر في لحظة الوزاني السياسية أنني كنت على موعد رسمي مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وكان يفصلني عن الموعد ساعات عندما نقل أحد الديبلوماسيين في سفارتنا أن الرئيس الفرنسي إستقبل شيمون بيريز بصورة عاجلة وفهمت أن جدول الأعمال الإسرائيلي يقتصر على قرار لبنان ضخ نسبة من حصته من مياه الوزاني، طبعاً حصتنا من مياه الوزاني وفقاً للتقرير الأميركي هي 36 مليون متراً مكعباً. نحن كنا نطالب ب 42 (م3) بالرغم من ذلك عندما أقدمنا على موضوع الوزاني كنا أخذنا فقط أكثر من خمس ملايين متراً مكعباً أما الذي أخذنا ساعتئذ لكي يصل العدد إلى 12، ومع ذلك هددت إسرائيل بالويل والثبور وعظائم الأمور وقالوا للرئيس شيراك أن إسرائيل وضعت فيتو على ذلك وأنها قد تقدم على عمل عدواني واعتبر شارون أن هذا الأمر هو عمل حربي. ورغم أنني لم أشك أن فرنسا سترفض ممارسة ضغط علينا لوقف عملية الضخ، إلا أنني سارعت إلى الإتصال برئيس مجلس الجنوب الأخ قبلان قبلان وطلبت إليه إعطاء الأوامر بتمديد بدء عملية الضخ قبل أن أقابل الرئيس شيراك دون إنتظار عودتي للإحتفال بهذا الحدث الوطني وكان ذلك ومثلما يقولون زمطنا.
قبل ذلك كان هناك مشروع مياه لوسي في البقاع الغربي الذي ساهم في تغذية عدد من بلدات البقاع الغربي وراشيا وكان إنشاء مصلحة شمسين وإنشاء مصلحة مياه بعلبك- الهرمل في عهد وزارة الموارد المائية والكهربائية، بعد ذلك همس لي الأخ ناصر نصرالله وقبلان قبلان بسر المياه، مياه نبع عين الزرقا وبالإمكانيات المائية الضخمة لهذا الموقع الذي يمكنه أن يلبي حاجات سكان قضائي راشيا والبقاع الغربي. أغمضت عيني على هذا الحلم وصرت أرى بعيون زرقاء اليمامة كيف سنفسر حلم الماء الجديد، ورأيت فيما رأيت بعينها الصرخة في حلق المولود قبل أن يبصر النور، والحب الذي لم تمسه الأيدي وهو لا يزال ينمو في القلب وشلالات العطر المتدفقة من أزهار الليمون وهي لم تتبرعم بعد، وعقد الشهد في أعناق النحل قبل أن ترتدي ثوب الأزهار، والفجر الرهيف وهو يدنو من الماء قبل أن ينبلج. ثم رأيت فيما رأت زرقاء اليمامة أزهار الماء وثمار الماء وهي تصعد من “عين الزرقاء”، عين الماء المتقدة، العين العميقة الصافية كعين الديك، العين الكثيفة المتكاثرة إلى حد الزرقة. بالمناسبة يقولون الدانوب الأزرق والنيل الأزرق، لقد رأيتهما والحقيقة لا يوجد ماء زرقاء إلا في عين الزرقاء.
ها نحن اليوم في مهرجان الماء في ربيع الماء، هذا في توأم الجنوب في البقاع الغربي، بدعوة كريمة من مجلس الجنوب الذي كادت أن تقام له حفلة إعدام حكومية ودون دفاع عن النفس، لولا إصرارنا على أن تتضمن الموازنة العامة للدولة إعتمادات للمجلس، تصوروا ما هي هذه الجريمة، هناك مؤسسة لها موازنة وهي بقانون ولم يحصل بالتاريخ أنه بقرار لا أعرف من من، حتى لو كان من مجلس الوزراء ككل تلغى موازنة للمجلس لله بالله، ليدفع ما عليه من مستحقات مباشرة ومتأخرة. وقبل أن أذهب بعيداً في الموضوع، أود أولا أن أقدم خالص التهاني للبنانيين وخصوصاً الطوائف المسيحية لمناسبة أعياد الفصح مؤكداً للمناسبة رفض وإدانة كل إشارة أو كلام يتعرض للمسيحيين أو يعتبرهم ضيوفاً في لبنان.
إن المسيحيين هم إخوة لنا في الوطن والوطنية والمواطنية ونحن نتمسك بأن تعدد الطوائف يخدم لبنان ويخلق نوعاً من التفاعل لا غنى عنه لإيجاد المجتمع الأفضل، ونقول مع الإمام الصدر أنه إذا سقطت تجربة التعايش في لبنان فستظلم الحضارة الإنسانية جمعاء. أن لبنان وبصيغة العيش المشترك يشكل أنموذج القرية الكونية، ليس ملكاً للبنانيين لكنه أمانة في يد اللبنانيين، ومسؤوليتهم وواجبهم وليس حقهم فحسب. في إطار الحكم ولكي نستحق لبناننا فإنني أوجه عناية الجميع بكل محبة وصداقة إلى أن المطلوب في إطار الإقرار بضرورة الدولة والإنتقال إلى مشروع الدولة لا مشروع السلطة، ليس أن يقوم البلد على الشراكة التامة باعتماد المناصفة التامة بين المسيحي والمسلم فحسب وإنما تكامل هذه الشراكة بالمشاركة التامة لكل المجموعات والفئات والجهات والجماعات والأفراد في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع على كافة الصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية.
معقول نكون قليلين الوفاء، نقدم خالص التهاني للحكومة عبر مجلس الجنوب على إنجاز هذا المشروع الوطني الحيوي الذي يستكمل سلسلة المشاريع الحيوية المائية التي أشرت إليها.
وهنأ الرئيس بري مجلس الجنوب على الطريقة التي اتبعت لدراسة الإنشاءات المدنية والخزانات ومواقعها والمسح الشامل والدراسة الإلكتروميكانيكية لضمان إستمرار تشغيل المشروع. بصراحة عام 2004 عندما زرت النبع خشيت ألا يتم المشروع وكان حلم لا يصدق تحقيقه، وعلى الإنشاءات والمواصفات العالمية العالية لخطوط الدفع والضخ والجر وقصور الماء والخزانات ومحطات الضخ، ومراعاة وجود أجهزة إمتصاص الصدمات التقنية المتخذة لحماية المشروع من التلوث.
إسمحوا لي هنا أن أخرج عن الموضوع قليلاً ولا بد من التوقف عند ضرورة حماية الثروة المائية من المنابع حتى المصبات ومنع التعديات على مجاري الأنهر، ورفع ومعالجة مصادر التلوث الخطير الذي يهدد المصادر المائية وخصوصاً مجرى نهر الليطاني. ونسأل لماذا لا تشكل ألوية خضراء من الشباب الذي يؤدي خدمة العلم في الجيش وتقوم هذه الأولوية بكل النشاطات التي من شأنها إعادة تأهيل البيئة اللبنانية من تحريج وصيانة وتنظيف الشواطئ وحدائق عامة إلى آخره.
وبالحديث عن هذا المشروع الإنمائي، أود أن اشير إلى أن المجلس يعيد تملك الدولة ومصلحة الليطاني، الأرض التي تقوم عليها الإنشاءات والمعدات والعائد المالي لموارد المشروع مما يعني أن خزينة الدولة ستسترد على المدى القصير كلفة المشروع على المدى الطويل ستحقق أرباحاً لصالح خزينة الدولة، أحسن ما يقولوا المعارضة غداً إذا استلمت بتخرب الخزينة لأنهم هم شالوا الزير من البير.
وهنا الرئيس بري أهل قضائي راشيا والبقاع الغربي على إنجاز هذا المشروع الذي سيؤمن مياه الشفة لإثنين وخمسين بلدة وقرية آخذاً في الإعتبار الكثافة السكانية في المنطقة. إن هذا المشروع الذي هو ليس فقط من أكبر المشاريع وإنما يطال كل شرائح الشعب اللبناني.
وأشار إلى أن الصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية العربية سيقوم مشكوراً بتمويل إنجاز شبكات نقل المياه داخل عدد من البلدات والقرى المستفيدة من المشروع وقال: “يا أخ محمد الصادقي ممثل الكويت هنا، ما هي الفائدة أن نقوم بضخ المياه الآن وما هي الفائدة في النهاية أن هذه المياه لا تصل إلى كل بيت وإلى كل قرية؟ في هذا نحن بحاجة إلى مساعدة، ليست المرة الأولى التي تساعد الكويت لبنان، ولن تكون الأخيرة، قلتها الأمس في تبنين وأقولها اليوم، ذهبت عند أمير الكويت رحمه الله وسألته عن مشروع الليطاني وحددت مبلغاً جزافاً، بعد أيام كان هذا الموضوع موضع تطبيق والآن سنتحدث عن موضوع الليطاني أكثر أيضاً بقرض وبهبات من الكويت. ها نحن نطل من عين الزرقا وجبل العربي أمام قمر مشغرة على سهل مشغرة وعلى أوجاع الليطاني، الذي لا يزال مهدور الماء في البحر.
ها نحن نقف حيث لا يفصل بين أنهر الشتاء ونهر الليطاني سوى السؤال القلق عن أسباب تلكؤ الحكومة في تلزيم المرحلة الأولى من مشروع الليطاني، والتي أنجزت دراستها بتمويل من الصندوق الكويتي؟ ولماذا لم يبت في المناقصة حتى اليوم؟
وهل صحيح ان السبب هو ارتفاع الأسعار التي وضعها المتقدمون إلى مباريات المناقصة حيث تجاوزت السعر الذي خمنه الاستشاري، وهل أخذ في الاعتبار إرتفاع وإنخفاض أسعار الأرض والتكنولوجيا والمواد الأولية اللازمة للمشروع واليد العاملة خلال العامين الماضيين؟
سوف أعيد إلى الأذهان في هذا المجال، أن الاستشاري يستخدم كبربارة عند اللزوم، حيث يجري مثلاً تلزيم الأوتوستراد العربي بأسعار تزيد مرة ونصف عامة وضعه الاستشاري، بينما تحرم أمور كثيرة يكون فيها كلفة التلزيم أكل مما يقوله الاستشاري .
مرة أخرى أقول التحرير ليس فقط للأرض التحرير للماء. معركة الربع الثاني من القرن الواحد والعشرين ليست البترول، لقد فقد العرب بترولهم، فقدنا كل شيء فقدنا فلسطين بعد فترة هذا الماء هو المعركة، الأن قنينة المياه أغلى من قنينة البنزين. دخل الإسرائيليون في المرة الأولى إلى لبنان عام ١٩٧٨ تحت عنوان: “عملية الليطاني” وكانت الحجة المقاومة الفلسطينية، كل يوم يجدون حجة، لولا المقاومة الموجودة في لبنان ليس بإمكانكم ان تطالوا شيئاً حتى ولو نقطة مياه.
كما انه بعد الان سوف لا يكون بامكان اي حكومة ان تجعل الماء يمشي من تحتنا دون ان ننتبه، وسوف لا تتمكن اي حكومة من استخدام فزاعة العدو او ان تجعل قططها تسرق احلام مائنا من امام عيوننا دون ان ننتبه، او ان تستمر، في غض النظر عن هدر مياهنا في البحر أو تبخرها، دون إنجاز السدود. كم تساقط مطر هذا العام ربنا كريم علينا، نحن لسنا كرماء على أنفسنا.
بإسم لائحة المقاومة والتنمية والتحرير التي سيكون لي شرف ترؤسها وحرصاً منا على تعزيز صمود الجنوب والبقاع الغربي وتثبيت الناس في ارضها وتأمين فرص عمل جديدة ورفع نسبة زيادة المحاصيل إلى ما يوازي سبعة أضعاف مما هي الأن، أؤكد على متابعة الجهود لإزالة العراقيل التي تعترض تنفيذ مشروع نقل مياه الليطاني إلى الجنوب اللبناني لأغراض الري والشرب على منسوب (٨٠٠م).
كما سنعمل على تأمين المال اللازم لتنفيذ المرحلة الأولى والثانية للمشروع، وذلك إضافة لما هو متوفر اليوم بموجب القانونين رقم ٤٢٥ سبحان الله القرار ٤٢٥ هو لإنسحاب إسرائيل دون قيد أو شرط، و٤١٦ واللذين ابرما بين الحكومة اللبنانية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية والصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والاجتماعي.
وأشار الرئيس بري إلى موضوع جديد قديم لا أحد يتكلم عنه، وممنوع الكلام عنه، هناك معلومات مؤكدة وأنا مسؤول عن كلامي، الإمام السيد موسى الصدر ذات يوم تكلم عن النفط وعن الغاز في لبنان وسمى بعض المناطق، طبعاً الإمام الصدر ليس خبيراً جيولوجياً ولكن هناك من قال له هذا الكلام، معلوماتي أنه منذ ٦ أو ٧ سنوات، عرضت شركات على أحد أكبر رجال المصارف في لبنان أن تنقب عن النفط وعن الغاز في الشواطئ وفي مياه لبنان ومجاناً، ويقال أنه أطيب من العسل الخل ببلاش، هناك نفط وعلينا ديون، وكانت الديون تتراكم أكثر فأكثر. هذا المصرفي لن أقول إسمه إلا إذا طلب مني أن اسميه. وبالمناسبة فإنه لا ينتمي إلى ٨ اذار، عليهم الا يخاف فإنه لا ينتمي إلى ٨ اذار. قالوا له اقفل هذا الموضوع الأن، لماذا، هل كان مقصوداً أن يكون لبنان تحت الدين؟ هذا سؤال بريء أمام الناس ولكن ليس بريئاً مني أنا أبداً.
موضوع الغاز والنفط خلال العقدين الماضيين منذ عشرين عاماً وحتى الأن، قامت ثلاث شركات أجنبية بعمليات مسح جيولوجي للمياه الإقليمية من بيروت إلى الحدود السورية، وكانت النتائج إيجابية لناحية وجود الغاز أو النفط وبكمية تجارية، أول عملية جرت عام ١٩٩١، والعملية الثانية تمت عام ٢٠٠٣، ولكن جرى مسح أريد أن أتوقف عنده يسمونه ثلاثي الأبعاد، وإذا سألتموني ماذا يعني هذا، فإنني لا أعرف جرى مسح ثلاثي الأبعاد عام ٢٠٠٧ قامت به شركة اسمها GPS لا أعرف ماذا تعمل. وقد اضطرت الشركات الثلاث أن تستثني بحر الجنوب، تعمل من بيروت حتى الحدود السورية، من بيروت جنوباً ممنوع، لماذا؟
لدينا معلومات أن بحر الجنوب يوجد فيه نفط، وبالمناسبة فإنه مقابل جونيه والبترون موجود أيضاً، ولكن لدينا معلومات خصوصاً من الصرفند جنوباً ومن القاسمية جنوباً هناك نفط بكمية تجارية كبيرة، على كل حال سواء كان يوجد أم لا يوجد ما الذي يمنع هذه الشركات طالما هي تعمل وتعمل مجاناً، ماذا يمنعها أن تعمل جنوباً؟ هذا الأمر ممنوع، لماذا ممنوع؟ قيل لأنه بسبب منع إسرائيل للسفن التي تقوم بعمليات المسح، ولم يتحرك لبنان رسمياً بهذا الموضوع أبداً، أنشدكم بالله أنه لو كانت القصة صوب سوريا، ولو منعت سوريا هذا الأمر ماذا كان سيحصل بنا؟ أية جرصة كنا سنشهدها؟ كانوا سيقولون “انظروا السوريين يريدون أن يمنعوننا من سداد ديوننا، ويمنعوننا من التنقيب عن النفط وكذا وكذا”، لماذا ممنوع المسح في أقل من نصف السواحل اللبنانية بقليل؟ بقوا ساكتين، وفي شهر كانون الأول وصلني الخبر انذاك فقلت لاتروى لنجد ماذا سيظهر، في شهر كانون الأول ٢٠٠٨ انكشف السر، وأعلنت إسرائيل رسمياً عن إكتشاف حقل للغاز مقابل حيفا بطاقة أولية تعد ب ٣٫٢ مليار متر مكعب وقرب هذا الحقل من جنوب لبنان يفيدنا لماذا ممنوع المسح.
وقتها تذكرت المهندس أماسيا رحمه الله، القشرة المائية التي تحدثت عنها في أول الكلام هي كالقشرة البترولية، يعني بحيرة فإذا بدأت لا يعود بمقدورهم الإستيلاء عليك، لذلك فهم ينقبون ويمنعوننا نحن. عندما اكتشفوا في حيفا، تعرفون قرب حيفا من صور ومن منطقة الليطاني ومن أبو الأسود وكانت النتيجة، هذا هو السر، لماذا سكت لبنان عن هذا الموضوع، لماذا يسكت عن هذا الموضوع؟
معالي وزير الخارجية، أناشدك الأن، يجب أن تثير هذا الموضوع على أعلى المستويات، إذا كانت إسرائيل في الماضي اوقفت مشروع الليطاني بزمن القيادة العربية المشتركة التي كان قائدها الجنرال علي علي عامر وكانت يومها غولدامائير، وقصفت المنطقة بواسطة طائرة لإيقاف المشروع. يومها لم يكن هناك مقاومة في لبنان، الأن نحن نحمي مياهنا كما ارضنا، ونحمي خيراتنا.
من هنا أقول لكل اخواننا في الوطن، ١٤ اذار قبل ٨ اذار و٨ اذار قبل ١٤ اذار، هذا الموضوع هو المادة الوحيدة لسداد ديوننا ولكي نرفع ديوننا عن اولادنا وعن أحفادنا، وحرام أن توضع لقمة الفقير وهذه الأمور في الخانة السياسية لكي يتراكم على لبنان ديونا أكثر فأكثر نبقى خاضعين للاستعمار المبطن الحالي، لماذا أقول هذا الكلام؟ أقول هذا الكلام لأنه عدة هذه الأمور تمر بمراحل. يعرف الإخوة خصوصاً في لجنة الإدارة والعدل، عادةً يكون هناك قانون للنفط وهناك مسح، أتصور أن هذه العملية تأخذ وقتاً طويلاً ولها شروط دولية، تبرعت الشركة النروجية (GPS) وصاغوا قانون النفط في لبنان وقدموه للحكومة في ١٨/١/٢٠٠٩ .
وأعتقد أنه لم يكن بحاجة لكل هذا الوقت كي يبقى مثل هذا الموضوع في مجلس الوزراء، لماذا التلكؤ، قانون مصاغ تؤلف لجنة في وزارة الموارد، ويحال فوراً إلى المجلس النيابي، هل ننتظر الموازنة والموازنة تنتظر الدجاجة والدجاجة تنتظر البيضة والبيضة تنتظر الدجاجة إلى أخر ما هنالك. على الأقل إذا ربحت المعارضة وإذا اختارها اللبنانيون فإن لديها الجرأة لاستكمال إستخراج الغاز والنفط الذي ينقل لبنان من مرحلة المديونية دون أن نخشى إسرائيل، منذ الإمام الصدر ونحن نطالب بالليطاني وبالتنقيب عن النفط حتى في البقاع الغربي .
وطالما نحن في حديث الماء والنفط فإن لائحة المقاومة والتنمية والتحرير تؤكد دعمها الخطة المائية لوزارة الطاقة، ودعم الموارد المائية عن طريق إقامة السدود وتأهيل الأحواض المائية، ولا أخفي عليكم انني حملت ملفات عديدة وكلفت الأستاذ علي بزي الإنتقال إلى قطر وقدمها إلى سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة الثاني، قدم لسموه ملف السدود ووعدنا خيراً علماً أن السدود في البقاع الغربي والجنوب لا تكلف قيمته كلفة سد واحد وهذا ليس كلاماً إقليمياً بل أتكلم عن مجلس الجنوب. اننا في لائحة المقاومة والتنمية والتحرير سنقوم بتقدم الدعم القانوني في إطار التشريعات اللازمة. وفي الإطار المائي أيضاً فأننا نتبنى المطالبة بتسريع دفع التعويضات العادلة لأصحاب الحقوق من أهالي منطقة اليمونة من أجل تنفيذ مشروع بحيرة اليمونة الحيوي، وكذلك حل مشكلة تعويض اضرار حرب تموز مع الشركة الصينية لمشروع سد العاصي التي تعيق تسريع العمل في السد.
لأننا في المنطقة التي كانت مدرسة وحقل المقاومة الأول، في مثل هذا اليوم ارتال من جيش العدو الإسرائيلي هاجمت ميدون، في مثل هذا اليوم انبرى مقاومو ميدون ومقاومو لبنان ومقاوموكم انبروا وفتكوا بالعدو الإسرائيلي لعلها إحدى المرات القليلة التي كانت خسائر العدو تفوق أضعاف خسائرنا في المقاومة، هذه المنطقة التي حفظنا اسماءها وهي تصمد وتقاتل ببطولة من ميدون وعناوين قرى العرقوب إلى عين التينة وحلوة وعين عرب وسحمر ويحمر ولبايا ومدوخا والرفيد وكل إسم وعنوان.
ولأننا في المنطقة التي أوقف فيها القرار السياسي تقدم الجيش من كوكبا إلى تبنين مما أدى إلى ضياع الجنوب لربع قرن في الاحتلال وتحت ضغط العدوان والموت والدمار.
ولأننا نقف أمام نموذج التعايش الذي تمثله هذه المنطقة المقاومة الصابرة الصامدة والتي تعاني مرارة الحرمان. فإننا إزاء التجربة التي عاناها لبنان جراء حروب إسرائيل على أرضه واحتلالها أجزاء عزيزة من أرضه، وبمواجهة حكومة اليمين الإسرائيلي التي رفعت وتيرة الخروقات الجوية لأجوائنا، وإزاء أحلام وزير الجيش الإسرائيلي ايهودا باراك إستعادة قوات الردع الإسرائيلية والإنتقام من لبنان، ندعو ونتمسك بجعل هذه المنطقة قوية منيعة تتحطم عليها أحلام وأطماع إسرائيل، وهذه القضية تفرض على لبنان تقوية جيشه عدة وعديداً، والتمسك بالمقاومة كضرورة لبنانية، ودعم موازنة الجنوب ومجلس الجنوب والبقاع الغربي اللذين أثبتا أنها قوة صمود لبنان.
لا بد من كلمة عن الانتخابات، أعود على المستوى الانتخابي فإنني أجدد الدعوة للجميع للتقنين في التصريحات المتوترة المبالغ فيها والتقنين في وعود ووضع أحجار الأساس لمشاريع يتعثر المواطنون بحجارتها بعد الانتخابات. في الماضي في إحدى المناطق وضعوا أعمدة كهرباء قبل الإنتخابات وبعدها عادوا وأزالوا الأعمدة.
إن تحقيق صعود سياسي لأي فريق على حساب تخويف الناس على مستقبلهم من الطرف الأخر يوازي بالتأكيد وضع الديون على مستقبل الناس.
إن صناعة المستقبل وبناء المستقبل أمر يعني الجميع، وليس صحيحاً أن طرفاً يعنيه يمكنه أن يمثل المستقبل أو الأمل أو التقدم أو التغيير لأننا مجتمعون وكذلك في المقاومة ومتحدون بالكاد نحقق أياً من هذه الأهداف.
انني ادعو إلى وقف كل محاولة لتحقيق صعود سياسي مقابل سقوط أخلاقي في مستوى وشكل ومضمون الخطاب الإنتخابي.
انني إذ ادعو لجعل الإنتخابات موعداً للعبور إلى وطن آمن ومستقر، فإني ادعو إلى دخول الإنتخابات من باب إستكمال المجلس الدستوري بادئ ذي بدء.
وأدعو لجعل السابع من حزيران موعداً للبنان دون عطش، ودون تقنين لكهرباء وموعداً لصيف سياحي نستعيد فيه موقع وطننا السياحي في نظام منطقتنا. والاستفادة من قدراتنا والإلتفاف حول جيشنا ومقاومتنا لتشكيل مناعة دونها يتوقف كل مانع خير وخيرات في ارضنا وبحورنا وسماءنا.
لنجعل من السابع من حزيران تاريخاً لجعل الديمقراطية نهج حياة وليس مجرد عملية إنتخابية كل أربع سنوات لتصفية الحسابات السياسية والطائفية والمذهبية والفئوية والجهوية. أن المعايير التي يضعها كل الأفرقاء للانتصار بعضهم على بعض في الانتخابات وحسم المواقف هي معايير وهمية.
إن المطلوب أن ننتصر للبنان وأن ينتصر لبنان.