بداية بإسمي وبإسم المجلس النيابي اللبناني اجدد الترحيب بالمشاركين في الاجتماع الثاني للدول الاطراف بإتفاق الذخائر العنقودية المنعقد في لبنان وممثلي الهيئات المعنية التابعة للامم المتحدة وائتلاف منظمات المجتمع المدني المعنية بالقنابل العنقودية، واوجه التحية الى وزارة الخارجية والمغتربين والمكتب الوطني لنزع الالغام والذخائر العنقودية في الجيش اللبناني ومنظمات المجتمع المدني اللبنانية على تنظيم هذا الاجتماع في العاصمة بيروت، التي تزعق في شوارعها ومنذ اربعين سنة سيارات الاسعاف وهي تحمل الى مستشفياتها ضحايا الحروب والاعتداءات الاسرائيلية وفي الطليعة ضحايا الالغام والذخائر المنفجرة والقنابل العنقودية الاسرائيلية.
كما وارحب بالسادة المدعويين زملاء نواب ووزراء دبلوماسيين ورؤساء مكاتب المنظمات الدولية في لبنان وممثلين للمؤسسة الدفاعية والمؤسسات الامنية وقوات اليونيفيل وممثلي مؤسسات الرأي العام الاعلامية في لبنان.
الحضور الكريم
كما تعرفون فإن مجلس الامن الدولي اصدر بتاريخ 11 آب 2006 قراره رقم 1701 بعد حرب اسرائيلية على لبنان دامت ثلاثة وثلاثين يوما.
لقد ماطلت اسرائيل نحو ثمانية واربعين ساعة لتعلن ليس وقف اطلاق النار بل وقف الاعمال الحربية بموجب هذا القرار.
لقد استغلت اسرائيل هذا الوقت من اجل القاء البذار السيء المتمثل بملايين القنابل العنقودية في ارضنا الطيبة انتقاما من دعوتنا الى عودة الاهالي آنذاك الى مدنهم وبلداتهم وقراهم وارزاقهم فور صدور قرار مجلس الامن 1701.
وهكذا واصلت اسرائيل حربها على لبنان الى اليوم دون توقف فعلي لاعمالها الحربية بواسطة:
اولا: الالغام والقنابل العنقودية التي ادى انتشارها في ارضنا خلال وبعد حربها على لبنان عام 2006 الى اليوم الى استشهاد واحد وخمسين لبنانيا واصابة ثلاثمائة وسبعة وخمسين مواطن جلهم من الشبان بجراح بينها الكثير من حالات الاعاقة الدائمة.
ثانيا: الانتهاكات المستمرة للخط الازرق البري وللمجال الجوي اللبناني.
ثالثا: الانتهاك والاعتداء على حقوق لبنان السيادية والاقتصادية في مياهه الاقليمية ومنطقته الاقتصادية الخالصة ومحاولة اقتطاع مساحة ثمانماية وستين كيلو مترا مربعا.
رابعا: الاعمال الامنية بوسائل عسكرية وضمنا العبوات والسيارات المفخخة وعمليات الاغتيال.
خامسا: الاعمال الملوثة للبيئة البرية والبحرية والناتجة عن تدمير سلاح الجو الاسرائيلي لمواقع تخزين النفط المجاورة لمحطة الجية لتوليد الكهرباء عام 2006 الامر الذي ادى الى استمرار تلوث 150 كيلو مترا من الشريط الساحلي للبنان حتى اليوم والحاق اضرار بالبنية واعاقة الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة واضافة الى رفض اسرائيل تنفيد طلب الجمعية العامة للامم المتحدة بشأن تحمل المسؤولية وتقديم التعويض الفوري والكافي.
الآن ربما يستاءل البعض عن سبب استعمال هذه منصة لهذا المؤتمر وهذا اللقاء لاستهداف اسرائيل ويرى حصر الكلام بموضوع منع انتاج واستخدام القنابل العنقودية فلماذا نذكر اسرائيل دائما.
ولكن هل يمكن الفصل بين اسرائيل واستخدام الاسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا وكل وسائل الموت خصوصا القنابل العنقودية؟
وهل ابلغت اسرائيل لقوات الامم المتحدة عن المواقع التي القيت عليها القنابل العنقودية خلال وبعد حرب 2006 وهل سلمت خرائط الالغام المزروعة بعد اندحارها من ارضنا عام 2000 ؟
لذلك اسمحوا لي ان اتحدث بصراحة وان يكون لي الحق المطلق في التعبير ازاء مسائل القنابل العنقودية وضحاياها واستتباعاتها واسمحوا لي ان توزع مضمون هذه الكلمة.
ايها السادة
ان صورة الطفل علي خريباني الذي كان عام 2008 يبلغ من العمر سبعة اعوام وفضل خريباني الذي كان عمره انذاك تسعة اعوام واللذان انفجرت بهما لعب الموت العنقودية في بلدتهما عدشيت الشقيف – ان صورتهما – وصراخهما المتوجع لا تفارق عيون واسماع ذويهم واهل بلدتهم ومنطقتهم ولبنانهم.
واوجه عنايتكم الى انه وقبل نحو ثلاثة اسابيع من اليوم، وفي اعلى قمم جبل الشيخ وامام عيون قصر شبيب الاثري وموقع قوات الفصل الدولية “الاندوف” بين سورية وفلسطين واثناء زيارة دينية كانوا يقومون بها اصيب ثلاثة من رجال الدين في طائفة الموحدين الدروز نتيجة دوس هادي فارس ناجي اللبناني من بينهم وهو من بلدة راشيا الوادي على لغم ارضي اسرائيلي مزروع منذ عام 1973.
قبل ذلك، وعلى الحدود مع لبنان وامام عيون قوات الطوارىء الدولية (اليونيفيل) العاملة في جنوب لبنان وامام عيون قوات مراقبة الهدنة على الحدود اللبنانية مع فلسطين ( OGL ) وعلى طول الحدود وفي عمق المناطق اللبنانية اصيب عشرات الشبان اللبنانيين وحملوا معهم احلامهم الوردية الى العالم الآخر او حملوا اوجاعهم عبر اصاباتهم بعاهات دائمة.
اني الفت نظر العالم الى ان اسرائيل لا تقوم بأعمال حربية ضد لبنان في اطار حروب رسمية.
ان لبنان كما تعرفون لم يشارك في اي حرب من حروب الشرق الاوسط بل تعرض لاجتياحات عسكرية وعمليات عسكرية اسرائيلة كبرى في اعوام 1972 و 1978 و 1982 و 1993 و 1996 و 2000 و 2006 .
ان اسرائيل تقوم عن سابق اصرار وتصميم بمحاولة جعل لبنان مشوه حرب ومعاق اقتصاديا.
لذلك فهي القت عن سابق اصرار وتصميم بما يزيد عن اربعة ملايين قنبلة عنقودية في ارضنا.
الحضور الكريم
ان لبنان يقود حملة دولية من اجل الوصول الى عالمية الاتفاقية الخاصة هذه بنزع القنابل العنقودية وتنفيذ اهدافها.
ان مجلس النواب قاد في هذا الاطار حملة من اجل الوصول الى سياسة وطنية لإنهاء مشكلة الالغام والقنابل العنقودية.
لقد دعم المجلس النيابي حملة التوعية للمواطنين من اخطار الالغام والقنابل العنقودية التي نظمها المكتب الوطني لنزع الالغام في الجيش اللبناني وعدد من منظمات المجتمع المدني والكشاف وانعقد في مجلس النواب بدعوة شخصية مني ومن لجنة حقوق الانسان النيابية اجتماع لمتابعة الجهود المبذولة حول جهود ازالة الالغام والقنابل العنقودية وفي حينها انطلقت صرخة لبنان في برية العالم لا للقنابل العنقودية، لا لتصنيعها، لا للاتجار بها، لا لتخزينها، لا لنقلها ولا لاستخدامها.
لقد دعم المجلس الجهود الدبلوماسية لوزارة الخارجية عبر سفارة لبنان لدى المنظمات الدولية في جنيف وعمل المجلس على انضمام لبنان الى الائتلاف العالمي ضد القنابل العنقودية والتوصل الى صك قانوني دولي لازالة هذه القنابل والذخائر.
لقد اطلق مجلس النواب دبلوماسية برلمانية خلال اجتماعات اتحادات مجالس الدول الاسلامية والاتحاد البرلماني العربي وغيرها من المنظمات البرلمانية الجهوية واللغوية من اجل دعم اتفاقية نزع القنابل العنقودية.
إننا اليوم نرحب بإنعقاد الاجتماع الثاني للدول الاطراف بإتفاق الذخائر العنقودية في بيروت عروس المتوسط وهو الاجتماع الذي نرى في زمانه ومكانه اهمية قصوى لدعم عالم نظيف من ذخائر الموت المتربصة بالانسانية.
اننا في هذا الصدد ندعو دول العالم الى دعم استمرار عمليات نزع الالغام والقنابل العنقودية في لبنان والتي لاتزال تحتاج الى دعم مادي بنحو خمسة وسبعين مليون دولار حيث لا زالت مئات حقول الموت تنتشر على مساحات كبيرة من الاراضي اللبنانية.
اننا لا نزال نأمل بأن يصبح لبنان بلدا خال من اثر الالغام والقنابل العنقودية الاسرائيلية ونحن نرى ان مؤتمركم هذا سيكون له اثر ايجابي كبير لتشجيع الدعم المادي والتقني للجيش اللبناني وبإشرافه لانهاء هذه المشكلة.
ايها السادة،
ان لقاء اليوم مناسبة لتوجيه التحية الى روح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الذي كان اول المبادرين لتلبية دعوتي الى تمويل حملة ازالة القنابل بجميع انواعها.
كما اننا نوجه التحية الى دولة الامارات العربية ورئيسها التي واصلت على نفس سياسة الدعم للبنان نظيف من حقول الموت والملوثات الحربية الاسرائيلية المميتة.
كما نوجه التحية الى النروج التي اطلقت المبادرة الاولى وصولا الى اليوم والتي تحسست آلامنا ليس من اليوم بل منذ ان شاركت في قوات اليونيفيل عام 1978 وفي اعقاب حرب 2006 وكذلك التحية الى طليعة الدول الاوروبية واللاتينية التي سارعت الى تأييد هذا التوجه والى قوات اليونيفيل.
اذ نرحب بكم جميعا اسمحوا لي باسمكم ان اقدم درعين تكريميين لكل من سعادة السفيرة نجلاء عساكر سفيرتنا في جنيف والتي كان لها دور كبير في هذا الامر والى العميد (في الجيش اللبناني) محمد فهمي ايضا لنفس الدور.