لأنها مؤسسة من أجل المستقبل، وليست مجرد تعبير عن الوفاء للذين سقطوا في الماضي على طريق استعادة سلام لبنان ودحر الاحتلال الاسرائيلي عن أراضيه. لأنها مؤسسة للأمل وليس للتفجع والبكاء المر، ولأنها مؤسسة في الضوء وليست لوجع الظل وظل الوجع.
لأنها المؤسسة التي تستيقظ عيونها على الفرح المحتمل، وعلى الأيام القديمة والقادمة المزدهرة بالبذار الطيب في الأرض الطيبة.
لأنها واحة الشهداء التي انتصرت والذين انتصرت عيونهم على المخرز وانتصر دمهم على السيف، وانتصرت مقاومتهم على الاحتلال، وانغرست قاماتهم في الأرض من أجل قطاف التحرير.
لأنها واحة الشهيد اللبناني، المؤسسة التي تحتضن شهداء وجرحى المسيرة منذ صرخة دم المقاومين الأوائل في عين التينة، إلى ( أبو علي) هاني علوية عام 2006 وما بينهما حسن واحمد فصير، بلال فحص وهشام فحص وزهير شحاده وطوني أبي غانم والآخرين، الذين لا زال دمهم مزدهراً بالحكايات، وهم قد قدموا شهاداتهم على موانىء الرسالات حيث مشى الحق على الماء وحيث شفى الكنعانية في اول معجزة للسيد المسيح في صور، وحيث سكن ابو ذر الغفاري إلى دعاء الليل وحيث وشوش الامام الصدر بكلمة السر “أمل”.
لأنها ليست مؤسسة لدفن الموتى بل لقيامة الشهداء، ولأنها شجرة الأسماء المضيئة للمحاربين منذ الأزل وغلى الأبد ذودا عن ثغور الامة، فإننا نصعد إلى حواكير انسانيتها وننحاز اليها في كل رمضان.
ولأنها كذلك فإنني اتوجه بالتحية بإسم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وبإسمي إلى واحة الشهيد اللبناني بإسم كل حركة أمل المقيمة او المنتشرة في العالم، بإسم كل الهيئات القيادية والكوادر والعناصر وبإسم شعبنا في مدرسته او حقله او اسواقه او مؤسساته.
إنني إذا اقدر حجم العمل والمسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق ادارة واسرة واحة الشهيد اللبناني وهي تتحمل المسؤولية ازاء تأمين حياة كريمة لأفراد ثلاثة آلاف اسرة لشهدائنا وجرحانا سقطوا او اصيبوا في الميدان.
هنا لا يفوتني ان اتوجه بالتحية الى المؤسسات التي تستكمل حلقات الرعاية الانسانية، وفي الطليعة مؤسسات امل التربوية والجمعية اللبنانية لرعاية العوقين، ومؤسسات الامام الصدر ومشروع كفالة اليتيم، وإلى الدور الذي تقوم به الهيئة التنفيذية لحركة أمل في جعل أبناء الشهداء اولوية وإلى تأمين فرص العمل، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة اطلاق المشاريع الانتاجية التي تؤمن مصادر مالية تمكن هذه المؤسسة من الوفاء بالتزاماتها.
اضاف ينعقد افطارنا الرمضاني الليلة، ونحن نعيش في اطار الذكرى الخامسة لحرب تموز الاسرائيلية ضد بلدنا وفي الوقت نفسه ذورة الحرب الاسرائيلية الجديدة التي تهدف الى اقصاء وتهميش اقتصادنا وفرض امر واقع على لبنان من خلال استباحة مياهنا الاقليمية وقرصنة ثرواتنا الوطنية من غاز ونفط ومياه عذبة.
لذلك فانني بداية وحتى لا تصدأ الذاكرة الوطنية او تهتري ومن اجل تصويب البوصلة في ترتيب جدول الاعمال الوطني، ومن اجل اخذ الدروس والعبر من حربي تموز الاسرائيليين على لبنان الأولى عام 1993 والثانية طبعاً عام 2006، فإني سأستعيد بعض صور الحربين بقصد الافادة وجعل شركائنا في الوطن كل شركائنا على نفس السوية معنا، في اعتبار ان الخطر الحقيقي الوجودي على لبنان يتمثل في الاطماع والعدوانية الاسرائيلية وحروبها ضد لبنان، وهو الأمر الذي يوجب علينا جميعاً اعتبار نزع سلاح العدوانية الاسرائيلية وليس سلاح المقاومة هدفاً وطنياً ملحاً، وتأكيد الالتزام الدولي بجعل اسرائيل تحترم القرارات الدولية الخاصة بالشرق الأوسط ولبنان وفي الطليعة القرار 1701.
انني أولاً: اوجه عناية الجميع الى ان الوحدة الوطنية والتناغم الرسمي والشعبي مكّن بلدنا من التصدي لما وصف عام 1993 بعملية تقديم الحساب الاسرائيلية التي قادها الثلاثي رابين_ بيريز _ باراك وهذه الوحدة هي التي حققت الانتصار عام 2006.
ولا بد من التذكير ايضاً ان اسرائيل ارادت رأس المقاومة التي كانت تضغط على قواتها المحتلة للاراضي اللبنانية وهو الامر الذي واجهه لبنان رسمياً بلسان فخامة الرئيس المرحوم الياس الهراوي الذي اعلن من مشغرة يوم 18 تموز 1993 وقبل اندلاع شرارة ذلك العدوان ان المقاومة حق مشروع لن نتنازل عنه، والذي واجهناه في المجلس النيابي برفض تدخل مجلس الشيوخ الاميركي في الشؤون اللبنانية وفي تنظيم العلاقات اللبنانية_ السورية وفي التاكيد ان المقاومة هي سلاح السلام اللبناني، وان المقاومة هي نتيجة طبيعية وليست سبباً للاحتلال، وان الحل بتنفيذ اسرائيل لقرارات مجلس الأمن.
لقد اعتمدت اسرائيل في حرب التدمير والتهجير آنذاك كما في عام 2006 وكل حروبها على بلدنا جعل المدنيين اللبنانيين هدفاً لمجازرها وضخ ازمة مهجرين، ومحاولة تحييد الجيش وايجاد شرخ بين الدولة والمقاومة بالرغم من همها الوحيد هو ملاحقة المقاومة.
ان قوات اليونيفل وفي اطار توثيق العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز عام 1993 رصدت بورصة القذائف الاسرائيلية التي استهدفت منطقة عملها خلال الايام الستة الاولى لتلك الحرب، حيث سجلت سقوط ثمانية وعشرين الف قذيفة مدفعية مترافقه مع الف ومئتين واربع وعشرين غارة جوية. اننا نذكر ايضاً من يغافله النسيان ان لبنان ومن كل مواقعه تمكن في تلك الحرب من وضع نهاية لحدود لبنان على الاحتمال وهو الامر الذي اجاز تعزيز المقاومة واعتبارها ضرورة وحاجة لبنانية ماسة.
وبالانتقال الى درس تموز الثاني عام 2006، فإنني بداية اقول لمن يتفلت من هنا وهناك يحاول ان يبني رأياً عاماً ضد مشروعية المقاومة، بتحميلها مسؤولية تلك الحرب واخذ قرار الحرب عن الشعب والدولة في لبنان _ اقول: ان اسرائيل لم تكن بحاجة لنوازع لشن هذه الحرب او غيرها ضد لبنان وهي كانت قد اعلنت نهاية ايار 2006 عن بنك للاهداف في لبنان وعن نيتها توجيه ضربة قاصمة وعن الاستعداد لتغيير قواعد اللعبة.
ان هناك الكثير الكثير من كلام الحق بخصوص المقاومة الذي يراد به باطل، بإعتبارها اطاحت بالكثير من التوازنات القطرية والاقليمية.
الحضور الكريم،
اننا على المستوى الوطني رسميا وشعبيا لم نقم بتقييم الحرب واستخلاص الدروس والعبر منها، بل ان منا من ذهب بعيدا في المطالبة بسحب سلاح المقاومة دون ان يكون معنيا بالاسباب الموجبة لوجود المقاومة، اما لأنه لا يدري وتلك مصيبة واما لأنه يدري والمصيبة اعظم، بأنه يقدم خدمة مجانية للعدو بإعادة اختيار شعار تحييد لبنان واعتبار قوة لبنان في ضعفه بدل جيشه ومقاومته، وهو الامر الذي سيعيد فتح لبنان امام اسرائيل ويجعله بطنا رخوا لإيلام شعبنا كما يجري الأمر.
لقد اعدنا التذكير بكل ما تقدم من اجل تشكيل قناعة بأن الاولوية الوطنية ومصلحة لبنان الاقتصادية والاجتماعية، يجب ان تتركز على تحقيق الانتصار على محاولة اسرائيل وضع يدها على المنطقة الاقتصادية البحرية التي تضم مخزونا هائلا من النفط والغاز.
ان العالم يجب ان يتأكد ان لبنان لن يؤخذ من البحر كما لم تتمكن اسرائيل من اخذه من الجو والبر خلال عدوان تموز 2006 وكل الاجتياحات السابقة.
اننا على الصعيد الرسمي ندعو الحكومة الى سرعة انجاز واصدار المراسيم التطبيقية لقانون النفط والغاز الذي اصدرناه، والى العمل لترسيم الحدود البحرية، بعد ان حددناها لأن الرزق السائب يعلم الناس الحرام فكيف ونحن ازاء اسرائيل التي تعيش على سرقة الارض العربية والموارد.
ان اسرائيل تواصل اعتماد سياسة ضربني وبكى وسبقني واشتكى وهي تحاول الاستثمار على العامل القبرصي وعلى اخذ اجازة دولية في استثمار المناطق الحرام في البحرين الابيض المتوسط والاحمر. اننا بخلاف من استحضر ارواحا واستدعى دورا جديدا لجامعة الدول العربية لجعلها شاهد زور في استمرار الانقلاب على نتائج الحوار الوطني السابق- اننا بخلاف هؤلاء- نستدعي حوار من اجل الجامعة العربية واعادة تكوينها على اسس فاعلة فقد بقيت متفرجة وحتى وصلنا الى ما يتفرج عليه وعلينا كل العالم الآن.
اننا ندعو اللبنانيين الى رفض قبول دفن رؤوسهم في الرمل او في الماء حتى لا يرون الاحتلال الاسرائيلي لمياهنا الاقليمية والاقتصادية والذي يكرر مشهد احتلال غزة من الخارج برا وبحرا.
اصدرنا قانون الحدود البحرية يا معالي الوزير ممثل رئيس الحكومة فقالوا تخلت الحكومة عن صلاحياتها للمجلس علما ان تعاونا حكومة ومجلسا حصل كما ينص الدستور ويشجع عليه اتفاق الطائف وكما يمليه الواجب ونسوا او تناسوا ان قانون النفط الاساسي، يللي قد هيدا على عشر مرات اصدرناه منذ عام بالكامل مثل هذه الايام، وبذات الطريقة بوجود الحكومة السابقة فاعتبروه انذاك نصرا مؤزرا، بالأمس نصر ويسر واليوم قسور وعسر؟ كفى، كيف وكفى، كفى دعاة التهدئة مع العدو والمتربصين ابدا بالشفيق، كفى دعاة التهدئة مع العدو والمتربصين بالشقيق، الرحماء المتواضعين مع كل غربي والقساة العتاة الرافضين لأقرب عربي، الذي هالهم الدور الريادي الذي قادته حكومة حي على العمل في مجلس الامن والذي ادى لابعاد قرار الحرب ضد سوريا وسهل صدور بيان متوازن يدعو الى الاصلاح ووقف الفتنة في آن وبقي امينا على سياسة لبنان المستدامة بالنأي بنفسه، نعم بالنأي بنفسه عن كل صراع في ما بين العرب والعرب، فكيف بالحال ضمن الشعب الواحد؟
اعتبروا ان موقف لبنان عار في مجلس الامن وهم الذين لم يدعوا إكليل غار لنا الا واستبدلوه بإكليل عار في مجلس الامن.
لا يا سادة إسألوا اسيادكم في مجلس الامن هذه المرة عن موقف لبنان وتأكدوا انكم ستسقطون اتهاماتكم.
لا يا سادة هذه البروباغندا حينا بالهجوم على حكومة لم تبدأ بعد تقريبا، فقد شُكلت بالأمس القريب او بالتهجم على موقف شريف وكريم او على شخص رئيس الحكومة من دون اي مبرر ونبشكم لقبور خطاياكم.
وصلت الرسالة، فقد فقدتم اعصابكم هذه هي الحقيقة، مسرحية الشخص هٍي هي، لبوس هذه الامة وآلامها ولم تكن يوما من الايام من آمالها.
الحضور الكريم،
اننا اذ نهنئ الجيش اللبناني على انتباهه الشديد وتصديه لكل خرق اسرائيلي فإننا في نفس الاطار المرتبط بقضايا الامن والحدود، نرى ان استهداف قوات اليونيفيل هو استهداف للأمن الوطني اللبناني، وان مكان وزمان هذه الجريمة الارهابية المنظمة يشير الى محاولة اثقال الحكومة الجديدة بالمسؤوليات، ومحاولة اعمائها لمنع تمكينها من القيام بأدوارها خصوصا في اعقاب زيارة الرئيس ميقاتي للجنوب وتأكيده على وفاء الحكومة بالتزامات لبنان تجاه تطبيق القرار 1701 لا بل هي تصد للجيش االوطني بعد زيارة قائده الى فرنسا وتأكيده على رقابة اليونيفيل فإستهداف اليونيفيل هو استهداف للجيش والعكس صحيح في هذه المرحلة.
اننا ومن على منبر واحة الشهيد اللبناني،واحو شهداء امل السباقين الى مقاومة الاعتداءات والاحتلال الاسرائيليين، وشهداء امل السباقين الى منع التقسيم، وشهداء امل الذين عبدوا بدمائهم طريق التعايش والسلم الاهلي والوحدة الوطنية- اننا من على هذا المنبر نعلن وقوفنا الى جانب الجيش والاجهزة الامنية الرسمية في السعي لكشف الارهابيين الذين استهدفوا قوات اليونيفيل، واعتبار عملهم جريمة ارهابية ضد الدولة. ان اكتشاف وكشف هؤلاء هو قريب وقريب جداً صدقوني.
اخيراً وليس آخراً ومن على منبر الشهداء، اؤكد على الاستقرار النقدي والامني في لبنان، وعلى فرصة الحكومة الكبرى في تعويض لبنان ما فاته في اشهر الازمة السياسية.
نحن نساير قد ما فينا الحكومة بس ما فينا نطول بالنا على طول.
وضرورة العمل ليل نهار لتعويض العقم الذي اعترى الحكومات السابقة الامر الذي يسهم بفتح الباب على استعادة الحوار الوطني دون شروط مسبقة، فالمنطقة صدقوني تتشكل من جديد ولبنان عنها ليس ببعيد الا اذا اردنا ان نكون ازاء مرة واحدة، ان نكون نحن القابلة لهذا المولود، الا اذا اردنا ان نكون امام سايكس بيكو بموعد جديد، نحاول هذه المرة قسمة الشخص الواحد في الامة العربية الى شخصين.
وختم الرئيس بري اننا متأكدون ان اصحاب الايادي البيضاء شركاء حركة امل في السراء والضراء، سينحازون اليوم كما دائما الى جانب خياراتنا السياسية التي لم تتغير كما تخيل البعض بالأمس، وانهم هذا اليوم سيؤكدون تضامنهم والتزامهم بعوائل الشهداء والجرحى، وبناء مستقبل ابنائهم ليكونوا كما اباؤهم حراسا للانسان وللبنان.