خطاب الرئيس نبيه بري في الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه ـ مدينة بعلبك

بسمه تعالى

       هـا نحن نجتمع مجددا” بين يديك في ساحة مجدك في بعلبك .

       ها نحن نفتح باب يومنا على صوتك الذي تفجر عبر المدائن ، عبر القرى والصدور  ، فأسمع صمّ القبور ، وهمّ العصور .

       ها نحن الذين فارقنا الأسى والبكاء ، وتعلمنا على يديك دروس البطولة في  كربلاء .

       ها نحن الذين كانت قلوبنا تتبع نبضا” عصيا” .

       وكنا ممنوعين من الصرف وممنوعين من التصرف ، وممنوعين من ان نرفع رؤوسنا ، وكانت  تركبنا الهواجس من ان نعد النجوم ومن ان يتوهج فينا القمر .

       ها نحن الذين فتحت لهم الطريق إلى المقاومة والماء والصوت ، والاعتراف والحب  والنهار .

       لك يا سيدي ولأبنائك الذين يحتشدون وفاء على مساحة ساحة القسم ” امل ” .

       لك يا سيـدي ولهم تحية البقاع الواعد ، بوابة دمشق واهراء روما ، ومعبر السيد  المسيح عليه السلام ، وطريق السبايا المقدسين إلى ذاكرة المؤمنين ، ومهد الامام  الاوزاعي وشاعر القطرين خليل مطران .

       لك يا سيدي الامام الصدر تحية المخلصين ابناء افواجك اللبنانية المقاومة ، ابناء  ابو علي ملحم قاسم المصري ، ابناء قائد جيش الثوار حسن طعان دندش وزين مرعي جعفر .

       لك يا سيدي تحية ابنائك الابطال في وادي المنيرة ووادي فيسان وعين البنيه .

       تحية الذين التحقوا بثورة صالح العلي وبمجاهدي الغوطه وبسلطان باشا الاطرش .

       تحية الذين سلكوا طريق الشهيد النقيب محمد زغيب للدفاع عن حدود الوطن ، وتحية الذين  سلكوا طريق المقاومة والجهاد حتى دحر الاحتلال الإسرائيلي عن معظم ارضنا ، وحتى  دحره عن ارضنا وبحرنا وسمائنا .

 وبعــد وبعــد …

       خلال الايام الماضية واثناء تجميعي اوراقي لكتابة هذه الكلمة ، لفتني مقال في صحيفة  الواشنطن بوست للكاتب جيم هوغلاند بعنوان : الشيطان الذي تعرفه ، وكان يقصد  بالشيطان معمر القذافي .

       يشير الكاتب في هذه المقالة إلى ان ادارة بوش قد تقوم قريبا” بالمشاركة في اعادة  تأهيل القذافي سياسيا” رغم ماضيه ، مقابل الحصول على معلومات ومساعدات تعينها في  العمل ضد تنظيم القاعدة .

       ويكشف الكاتب بأنه في اطار هذه الصفقة المكتوبة ساعد الاميركيون على اغلاق ملف  لوكربي .

       خلال هذا الشهر قدم القذافي خدمة مجانية للمحافظين الجدد في الادارة الاميركية ،  الذين لا يحتاجون اساسا” إلى مبررات ومسوغات لحرب السيطرة الموجهة ضد المنطقة ، عبر  توجيه اتهامات وتحميل المملكة العربية السعودية مسؤولية المشروع الايدولوحي الذي  ينطلق منه ما يوصف بالارهاب .

       خلال هذا الشهر ايضا” وايضا” ذكرت اكثر من وسيلة اعلام ان الرئيس الليبيري المخلوع  تيلور زار القذافي قبل ان تغلق بوجهه جميع الابواب التي تمكنه من البقاء في السلطة  .

       في هذا الشهر انكشف النقاب عن توزيع ليبيا لرشاوى بلغت ملياري دولار لتمكينها من  ترؤس إحدى لجان الامم المتحدة .

       اورد مـا تقدم لأن الاخرين على مساحة العالم يعتمدون قاعدة تقول : ان التعامل مع  الشيطان تكتيك سياسي قديم وضروري احيانا” ، امـا نحن في حركة امل فنلتزم قاعدة تقول  ان التعامل مع الشيطان حرام ، والساكت عن الظلم شيطان اخرس .

       ونقول انه لو انتبه العالم إلى فداحة جريمة النظام الليبي المتمثلة بخطف الامام  القائد السيد موسى الصدر ورفيقيه فضيلة الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين ،  لما كان النظام الليبي تمادى وارتكب جرائمه المتنوعة عبر العالم العربي ضد حلم  الوحدة ، وعبر افـريقيا لتخريب الجهود المبذولة لاستقرار انظمتها السياسية وعبر  العالم .

       ونقول انه يمكن للمصالح السياسية لكثير من دول العالم ان ترتب صفقات ملتوية على  حساب ضحايا النظام الليبي وعلى حساب العدالة في اكثر من بلد ، ويمكن للكثيرين ان  يبيعوا دماء الضحايا التي تناثرت اشلاؤهم في الفضاء او على الارض مقابل حفنة من  الدولارات ، ويمكن للنظام الليبي نفسه ان يقفز فوق دماء ضحايا الطائرة المدنية  الليبية التي اسقطها الإسرائيليون فوق سيناء ، اما نحن فلن نقبل بتبييض صفحة النظام  الليبي قبل كشف مصير الامام الصدر ورفيقيه .

       ايها الاخوة والاخوات

       بالانتقال إلى القضايا والعناوين اوجه عنايتكم إلى ان لبنان يقع تحت ضغط مشكلتين  تشكلان تحديا” وطنيا” ومجتمعيا” .

       الاولى : العدو الاسرائيلي الذي يضغط على حدود الوطن .

       الثانية : الازمة الاقتصادية – الاجتماعية الضاغطة على حدود المجتمع .

       ان الحدود بهذا المعنى لا تعني الحدود الجغرافية بل حدود احتياجات المجتمع ايضا” ،  لأن الاخطار تنبع من حدود ازمات الداخل كما من الحدود السيادية لكل دولة .

       بالنسبة إلى ضغط المشكلة الاولى على حدود الوطن التي تمثلها إسرائيل نقول :

       اولا” : ان كل من يعتبر الاندحار الإسرائيلي من معظم ارضنا امرا” يشكل نهاية لمرحلة  طويلة من حروب إسرائيل ضد وطننا ، يعبر في واقع الامر إما عن جهل بالحقائق والوقائع  وابعاد تلك الحروب والعدوانية الإسرائيلية ، او عن تجاهل للتهديد الذي تمثله  إسرائيل للبنان في الماضي والحاضر والمستقبل ، والذي يدفعها على الدوام لمحاولة جعل  بلدنا مساحة للقلق والاضطراب والشك ، لهدف منعه من العودة للتشكل كمنافس محتمل  لإسرائيل في نظام المنطقة ، اضافة إلى ان إسرائيل تريد تدمير صورة لبنان التعايش  الذي يمثل نقيضها العنصري .

       ثانيا” : ان إسرائيل لاتزال تحتل مساحات عزيزة من الاراضي اللبنانية ، في طليعتها  مزارع شبعا وتلال كفر شوبا ، وهذا الاحتلال يمثل جرحا” نازفا” في الجسم اللبناني ،  ومحاولة جعل لبنان يسكت عن هذا الاحتلال ولا يقوم بأي تحرك تجاهه ، يمثل في واقع  الامر مكافأة لإسرائيل علىحروبها ضد لبنان واحتلالها ومجازرها والدمار الذي تسببت  به .

       ثالثا” : ان هناك من يريد ان يعود انفسنا على ان لإسرائيل الحق بفرض رقابة جوية على  لبنان ورقابة بحرية على مياهه الاقليمية .

       ان سكوت لبنان في السابق على هذا الامر جعل إسرائيل تتجاوز على حدود سيادتنا  البرية  ، كما ارادت جعل لبنان بلدا” مجردا” من القوى الجوية ومن قوة الدفاع الجوي  ، وكاد ان يؤدي بعد ضرب إسرائيل مطار بيروت إلى تجريد لبنان من اسطوله الجوي المدني  ، ومكن إسرائيل من اجتياح المناطق الحدودية وصولا” إلى اجتياح الجنوب ومن ثم ثلثي  مساحة لبنان .

       اننا لن نقبل بمحاولة جعل الاجواء اللبنانية مرتعا” للطائرات الحربية الإسرائيلية ،  كما اننا لن نقبل اعتبار أي مساحة من فضائنا حزاما” امنيا” جويا” ومنطقة حيوية  لحركة الطيران الحربي الإسرائيلي ، وفرض قواعد جديدة للعبة تسمح لإسرائيل بالاغارة  على أي موقع يتصدى لطائراتها تحت ستار ان شظايا قذائف المضادات الجوية اصابت  مستوطنيها .

       لقد انتظرنا ولانزال ان تبادر الامم المتحدة والولايات المتحدة ودول القرار الطلب  إلى إسرائيل وقف خروقاتها ضد لبنان ، الا اننا فوجئنا بأن يصل التمادي الإسرائيلي  إلى حد الاعتداء على مجلس الامن الدولي عبر الشكوى الإسرائيلية ضد لبنان ، خصوصا”  وان إسرائيل هي اول من ضرب مصداقية الامم المتحدة وحاول حرمانها من وظائفها  السياسية وفرغ قراراتها من أي محتوى .

       وطالما عشرة ملايين دولار ثمن الضحية في الطائرة الاميركية فكم ثمن الضحية في قانا  .

       من جهتنا في حركة امل فإننا ومن على منبر الامام الصدر نجدد القول ، ان مقاومة  شعبنا هي نتيجة العدوانية والاحتلال والتهديد الإسرائيلي ، وهي نتيجة طبيعية  لمحاولة ارباك النظام الامني في لبنان بواسطة شبكات التجسس والتخريب ، ونقول ان  المقاومة بكل عناوينها وابعادها وسيلة دفاع وليست وسيلة لاستدراج التوتر او الحرب .

       وبالنسبة إلى محاولة تحميل سوريا المسؤولية عن كل ما يجري على الحدود ، ، فإننا اذ  نؤكد دائما” على المسؤولية الإسرائيلية عن تهديد الامن الاقليمي عبر المساعي  الدائمة لوضع المنطقة على حافة المواجهة والحرب ، فإننا نؤكد ان سوريا تمثل ضرورة  لبنانية وضمانة لتمكين لبنان من ترسيخ مسيرة الدولة والامن والطمأنينة .

       كما ان علاقة الاخوة والتنسيق والتعاون بين لبنان وسوريا تتعدى في ابعادها مواجهة  التهديدات الإسرائيلية إلى ابعاد استراتيجية ذات عمق انساني واقتصادي واجتماعي  وثقافي ، وهي تمثل انموذجا” لعلاقات التضامن والعمل المشترك التي يجب ان تسود بين  الاقطار العربية

       ثانيا” بالنسبة إلى المشكلة المتمثلة بالازمات الضاغطة على حدود المجتمع نقول ما  قاله الامام الصدر :

       اذا كان المطلوب ان نصنع مستقبلا” لا ينتمي إلى ما انتهى اليه الماضي ، مستقبلا”  يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات ، مستقبلا” يتمكن فيه المواطن من الوقوف  في وجه التحديات الناتجة عن الازمة الاقتصادية – الاجتماعية المحلية وتحديات  العولمة والاحادية مستقبلا” يحفظ وينمي رسالة لبنان العالمية فإن علينا :

       أ – ان نجعل الدولة فوق الطائفية .

       ان لبنان الجديد الذي نريده والذي سعينا ونسعى لتحقيقه هو بلد المشاركة التامة في  الايمان والتاريخ .

       ب : ان الخطر الثاني بعد الطائفية هو تحويل السياسة في لبنان إلى هدف لا وسيلة ،  يعيش بها ومن ورائها افراد وجماعات وزعامات واحزاب ومفاتيح .

       ان تحويل السياسة على هذا النحو افسح المجال امامها لتناور وتساوم من دون رحمة ولا  مبالاة ، ولتعطل المبادرات ولتقفز فوق المؤسسات ولتعطل الحياة العامة .

       لقد قلت في اكثر من مناسبة ومؤخرا” امام تجمع لمؤسسات الرأي العام الثقافية  والاعلامية ، ان الكلام عن الوحدة الوطنية والتعايش هو كلام انشائي ، فالوحدة  الوطنية راسخة والتعايش والاندماج الوطني غير مهددين ، وقلت ان الاجدر هو البحث في  وحدة الخطاب السياسي والاداري والاقتصادي في رسم التوجهات التي تخرج الوطن من ازمة  العجز والجمود .

       انني من موقع المسؤولية امام الناس اقول : ان الخلاف بين اركان الدولة وقادة  المؤسسات ينعكس على موقع لبنان المعنوي وينعكس على ثقة الرأي العامة بالدولة .

       واقول ان تحويل ادارات الدولة إلى مراكز قوى ، والعجز عن ادارة الاختلافات والازمات  نابع من ان التناقضات في التفكير والمشاعر وفي المواقف والروية تملأ الساحة .

       وللاسف الشديد هناك اصوات تحاول ان تحمل المسؤولية لمجلس النواب ، وتحاول الايحـاء  بأن المجلس لا يقوم بدوره الرقابي والمحاسبي .

       اود ان اسأل متى كانت الحكومات في لبنان او في أي انموذج عربي او اوروبي او حتى في  الولايات المتحدة تسقط في حلبة مجلس النواب.

       ومن في موقع المؤسسة التشريعية في لبنان اسقط في السابق أي حكومة بالنقاط او  بالضربة القاضية في حلبة مجلس النواب ؟

ومن  في مواقع الحكومات السابقة ولم يحاول خلال السنوات السابقة مصـادرة صلاحيـات المجلس  النيابي دون جدوى .

اقول للجميع في مواقع السلطة وفي مواقع المعارضة ،  اوقفوا المضاربات السياسية لأنها لا تؤدي الا إلى نتيجة واحدة هي ارباك النظام ،  واقول : أننا لسنا في احتفال البرباره ، وأن وضع اقنعة التنكر على وجه الموالاة او  على وجه المعارضة لا يغير شيئا” في واقع الازمات ، ولا يزيح المسؤولية عن ظهر احد  ويلقيها على ظهر الاخر .

اني اقول ان الجميع يسهم بإنحسار السلطة وفي زيادة  الشعور بعدم الاحساس بالدولة ، في اعتبار الجميع انفسهم فوق الدولة .

انني اتهم الجميع بأنهم لا يتحركون بقوة الحوار  وبفعالية الكلمة وبالخبرات المكتسبة ، وان الجميع يحتمي بالطائفية ويعطي لموقعه في  السلطة والمعارضة طابع القداسة .

اني  ادعو الجميع للاعتراف بالحقائق وبحجم المشكلات وبالمسؤولية ، لأن هذا الامر وحده هو  الذي يفتح الباب لتوليد الافكار والحلول .

ج –  ان الخطر على لبنان بعد الطائفية واللعب السياسية هو في عدم ترسيخ الشفافية .

نحن  في حركة امل نحاسب حتى ولو تخلت الدولة عن واجب المحاسبة ، انا وباسم حركة امل وفي  الحفل الافتتاحي للمؤتمر العاشر لحركة امل قلت وقلت في مناسبات سابقة ان حركة امل  لا تغطي مرتكبا” او متجاوزا” او فاسدا” .

انـا اتحدى أي مسؤول او حزب او طائفة ان تبادر كما  حركة امل ، وترفع الغطاء عن كل متجاوز او مرتكب او من يقع تحت السلطة الاتهامية  للقضاء ولأجهزة الرقابة .

 انا  اطالب باسم حركة امل وباسم الامام الصدر وباسم من اجتمعوا اليوم وفاء للبنان الذي  يريده الامام الصدر ، بالمبادرة إلى فتح الملفات كل الملفات دون استنسابية ودون  تداخلات .

لقد  لفت الانتباه في اكثر من مناسبة ان الخطر على تعزيز الثقة بالدولة والخطر على  الحرية ينبع من تجميد العمل بالقوانين او من اساءة استعمالها اوالتعسف في استعمالها  ، انا باسم حركة امل ادعو إلى دولة القانون ، إلى الشفافية والنزاهة ، وإلى ان لا  يكون هناك سلطة فوق سلطة الدولة ، ولا لمساحات سوداء على بياض علمنا الوطني .

د –  بالنسبة للواقع الاقتصادي : وحتى لا نبقى ننسب كل شيء إلى الخارج ، فإن الاختلالات  الكبرى في الاقتصاد الوطني بعضها ظرفي يرتبط بالاوضاع الاقليمية وبالعوامل السياسية  والبيئة الاستثمارية والادارية .

الا ان الاسباب الاخرى تنبع من العجز عن التأقلم مع  المتغيرات الكبيرة وخسارة القدرة التنافسية والانتاجية .

انني وحتى لا اصرف الوقت على طرح وسائل الخروج من  الازمة وانعاش الاقتصاد اللبناني ، اؤكد بإسم حركة امل والكتلة البرلمانية التي  ارأسها وبإسم حلفاء الحركة ، بأننا نتبنى اطار المعالجة للازمة الاقتصادية  الاجتماعية التي وضعها المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، واعلن بأسم الحركة وحلفائها  اننا لن نوافق على اية رسوم او ضرائب او ديون جديدة مهما كانت الاسباب .

ايها الاعزاء

من  دواعي سروري انه منذ لقائي بكم على ارض البقاع قبل سبعة اسابيع ان تكونوا قد لمستم  زيادة اهتمام وزارات الخدمات بالبقاع ، وان تكون سرعة تنفيذ المشروعات اوتلزيمها قد  زاد بصورة ملموسة .

فقد  تابعت بإهتمام اللقاءات التي عقدت بين بعض الوزراء ونواب والفعاليات والهيئات  الاهلية في هذه المنطقة وكان وآمل ان يكون البحث فيها قد تركز على المشاريع التي  تهم اهالي البقاع وفي الطليعة مشروع العاصي والطرق الزراعية وبرك الري ومراكز تجميع  الحليب ، وان تكون مياه الشرب قد وصلت اخيرا” إلى بلدة الفاكهة – الجديدة في البقاع  الشمالي وان تكون المناقصة لبناء الملعب البلدي لبعلبك قد اطلقت ، وان يكون قد تم  انجاز مداخل الهرمل الرئيسية خصوصا” المشروع الحيوي المتمثل بمجاز الهرمل شمالا”  حتى القصر على طريق الهرمل – القبيات الدولية ، وان تكون الاعمال قد نفذت  ضمن  المواصفات المطلوبة ، وان تشمل تلك المشروعات البقاع الغربي بعد الموافقة على طلب  مجلس الانماء والاعمار تنفيذ اشغال محطتين لمعالجة المياه المبتذلة في تلك المنطقة  .

       واود اليوم ان ابلغكم ان الوزارات والادارات الرسمية وفي الطليعة مجلس الانماء  والاعمار ستواصل بذل جهودها من اجل تنفيذ المشروعات التي اقرت للبقاع .

       انني اعاهدكم مجددا” العمل جاهدا” مع نواب البقاع من اجل توفير الاموال اللازمة  لاخلاء المهجرين من ثكنة غورو في اعالي بعلبك من اجل البدء بتأهيلها وتحويلها إلى  سرايا .

ايها الاخوة والاخوات

بالانتقال إلى الموضوع الفلسطيني اقول ان هناك ضغوطا” تمارس من اجل خصخصة الصراع  العربي الإسرائيلي بتجريد قوة الفعل العربي من مداها وترك كل طرف يحاول نزع شوكه  بيده .

ان هناك محاولة لاجبار الشعب الفلسطيني بالاكراه  الموافقة على اختزال امانيه مقابل رؤية بدولة مجزأة على مساحة جلد ثور تشبه الثقوب  في يافطة معلقة علىعرض أي كورنيش .

اقول ذلك لأن إسرائيل تقيم مستوطنات على مساحة سبعة  بالمئة من مساحة الضفة وثلاثة وثلاثين بالمئة من مساحة قطاع غزة بالاضافة إلى  المناطق التي ضمتها إسرائيل إلى القدس الكبرى والتي تصل مساحتها إلى عشرين بالمئة  من مساحة الضفة ، وهي مناطق مقتطعة غير قابلة للتفاوض استنادا” إلى التصريحات  الإسرائيلية ، وبالاضافة ايضا” إلى المناطق المصادرة لاقامة ما يسمى جداري العزل  على طول الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وجدار العـزل الشرقي على طول الحدود  الاردنية ، مما يعني وضع اليد الإسرائيلية على مساحة تزيد عن اثنين واربعين بالمئة  من مساحة الضفة .

       ان الحلم الفلسطيني بإقامة حتى مملكة رماد حسب وصف الشاعر محمود درويش على مساحة  اتفاق اوسلو ، الذي نبه الرئيس الراحل حافظ الاسد بأن كل نقطة في ذلك الاتفاق تحتاج  إلى اتفاق – ان ذلك الحلم يتراجع ليستحيل إلى كابوس ثقيل بعد ان تحول الكفاح الشعبي  للفلسطينيين ليوصف بأنه مظهر من مظاهر العنف حسب تقرير ميتشل

يحتاج  إلى أوراق تينت لضبط ايقاعه امنيا” ، ثم ليتحول إلى كابوس فعلي يقع تفسيره في خارطة  الطرق التي لن تؤدي قطعا” إلى رؤية الدولة الفلسطينية بالعين المجردة .

       لقد فتحت الادارة الاميركية خلال مراحل تحضيرها لغزو العراق الوقت الكافي للمستوى  السياسي والعسكري في إسرائيل لاستكمال وضع الشعب الفلسطيني امام احد خيارين الفرار  او الانتحار .

       ورويدا” رويدا” مقابل قبول إسرائيل بخطوات شارون المحدودة في خارطة الطريق ، واعلان  الادارة الاميركية تعهدها بمعالجة ملاحظات إسرائيل على الخارطة ، قامت الولايات  المتحدة بإقصاء دور شركائها الاوروبيين والروس والامم المتحدة لتتفرد بالرقابة على  السلوك الفلسطيني ودفع الامور بإتجاه تفكيك البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية تحت  ضغط وصمها بالارهاب .

       قد يتساءل البعض لماذا ننفرد بكل هذا الشرح في وقت توقف فيه المستوى السياسي العربي  عن الادلاء بأي تصريح او مشاركة القيادة الفلسطينية المسؤولة في تقرير الخيارات ؟

       أقول ببساطة لأننا نحن في حركة أمل وفي كل لبنان معنيون بمستقبل الشعب الفلسطيني ،  اولا” كشعب شقيق وثانيا” لأننا نقع على خط تماس الجغرافيا والتاريخ مع قضيتهم ،  ولأننا في لبنان تحملنا ولانزال الكثير الكثير لاستتباعات القضية الفلسطينية ولأننا  في لبنان نتصف بكل تلك الصفات فإننا نتطلع إلى جوهر تلك القضية التي هـي حق العودة   ، ونرى ان هذا الحق يكاد يضيع مقابل دولة فلسطينية موعودة بحدود مؤقتة ومنزوعة  السلاح ، مع الإشارة إلى ان المأساة سوف لا تقتصر على ذلك ، بل تتجاوزها إلى ان  إسرائيل ستستمر على الاعتـراف بكيـانها اليهـودي المصفى لتـرمي بمـا يسمـى بـ(عرب  إسرائيل ) داخل الخط الاخضر نحو المجهول ، ونحن في لبنان نعرف ان إسرائيل تسعى لجعل  لبنان رصيفا” للتوطين .

       اننا ننفرد بهذه الصراحة ليس لأن إسرائيل تقتل وتدمر وتشرد ، فالارهاب صفة  تتبع إسرائيل في جميع حالاتها ، بل لسبب عربي يستدعي المبادرة الفورية للتمسك  بمقررات القمم العربية وعلى وجه الخصوص قرارات قمة بيروت التي شددت على التسوية  الشاملة والعادلة تحت مظلة القرارات الدولية 242 و 338 و 425 و 194 بما يضمن انهاء  احتلال الاراضي العربية المحتلة ومن جهة حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة  الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس .

يا  ابناء الامام الصدر

نحن  في لبنان تعلمنا خلال جهادنا الاكبر ضد انانيتنا وعصبيتنا وطائفيتنا وفئويتنا ان  ننتصر للوطن ، وتعلمنا خلال جهادنا الاصغر المستمر ضد عدونا ان نكون الامل  والانموذج العربي ، وهذه هي مدرسة الامام القائد السيد موسى الصدر الذي سنبقى نجاهد  ونعمل من اجل تحريره ، وهذا هو وعدنا وعهدنا بإسم حركة امل وبإسم لبنان .

                                     عشتم

                                     عاش الامام الصدر

                                     عاش لبنـــان

هذه التدوينة نشرت في ذكرى تغييب الامام الصدر. الإشارة المرجعية.