خطاب الرئيس نبيه بري في الذكرى السنوية الرابعة والعشرين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه

0831_berri0831_sadr

حسبوا انهم سيخبئون
تاريخ اسرارك، ونسوا انك حديقتنا واننا نحب فيك الارض والانسان، وفاتهم انك اذعت
كلمة السر التي هي “أمل”، وانك علمت ارواحنا مفارقة المآسي وقول كلمة
الحق في وجه السلطان الجائر، وانك علمتنا ان نحمل ارواحنا على اكفنا، وان لا نهتم
اذا وقعنا على الموت او وقع علينا.

وها انت يا سيدي الاقوى حضوراً على مساحة الوطن وعلى مساحة ندائك من اجل فلسطين.
وها نحن الذين اجتمعنا على عهد وعدك في مؤتمر الشهيد العاشر لحركة “أمل”
ورددنا يداً بيد دعاء الوحدة، نقف اليوم لنستمد القوة من فسحة الأمل التي فتحتها
رغم الوقائع الضاغطة على المنطقة ولبنان”.

وأضاف: “قرأت استدراج عروض موجهاً من السلطات الليبية في وزارة العدل الليبية
لبعض الجهات الفلسطينية لتقديم اخبارات واخبار عن قضية الامام الصدر. بعض وسائل
الاعلام في لبنان التي قامت وترعرعت ويا للأسف على المال الليبي بدأت تتكلم على حل
ايراني بصدور بيان ليبي، يحمّل “ابو نضال” مسؤولية اخفاء الامام الصدر
على الاراضي الليبية، وطبعاً مع تعهدات مالية وغير ذلك من شائعات في لبنان عن
بعثرة اموال طائلة ستدفع لعائلة الامام الصدر وحركة “أمل” وطبعاً لنبيه
بري. وكالعادة نقول لهؤلاء اولاً، نسجل ايجابية في هذا الكلام للاخبار لاقراره
للمرة الأولى ان الخطف حصل على الاراضي الليبية وكانوا دائماً يقولون رواية روما
وغير ذلك وعلى متن شركة اليطاليا. ونقول ما عدا ذلك لماذا الهروب الى الوراء قبل
24 عاماً احتفى الامام ومسؤولية “ابو نضال” لم تبرز الا منذ اسبوعين.
مسؤولية الامام الصدر في رأينا على الاحياء في ليبيا. نحن ننتظر منذ 24 عاماً لكشف
مصير الامام الصدر ورفيقيه هذا ما ينتظره لبنان لا اكثر ولا اقل”.

وتطرق الى الوضع الداخلي وقال “انطلاقاً من لبنان، وبعيداً عما يثار من زوابع
في فناجين الحياة السياسية اللبنانية اليومية، وتأسيساً على رؤية الامام الصدر
التي تثبت الايام صحتها، أرى ان هناك سببين يعوقان لبنان وخروجه من واقع الازمات
السياسية كما الاقتصادية والاجتماعية وفي الطليعة الثقافية.

الأول، الطائفية التي هي علة العلل والتي تشد لبنان الى التخلف وتمنعه من الالتحاق
بعصره. وأقول صراحة ان مستقبل لبنان سيبقى مظلماً، وسيستمر بلدنا في حال من الجمود
بل في حال كوما، طالما بقيت الذهنية الطائفية تتحكم في مصيره من الروضة الى
المدرسة والجامعة والمستشفى والى طبيعة الاعمال والمناخات الاجتماعية
السائدة.

ان هذه الطائفية هي التي تمنع التفاعل بين ابناء الوطن، بل بين ابناء المنطقة أو
المدينة او البلدة او القرية نفسها، بل احياناً بين ابناء الطائفة نفسها والمذهب
ذاته.

ان تحكم هذه الطائفة يكاد يفقد الثقة بالدولة، الامر الذي سيؤدي الى زعزعة الثقة
بلبنان كضرورة لبنانية وعربية اسلامية ومسيحية وعالمية. وكما هو معروف فان من يزرع
الريح يحصد العاصفة. لذا يجب الاسراع عبر المبادرة الفورية التي تأسيس الهيئة
الوطنية لالغاء الطائفية السياسية التي نص عليها الدستور مع علمي ان مجرد تأسيس
هذه الهيئة لا يلغي الطائفية ولكنها تغير الاجواء.

ثانياً: الحرمان الذي هو ارضية الانفجار.

انه مهما تكن الاسباب والظروف والضغوط التي تؤدي الى تفاقم الازمة الاقتصادية
والاجتماعية، لا يمكننا مطالبة المواطنين بشد الاحزمة والصبر، وتحمل اطلاق العنان
للسياسة الضريبية خدمة للدين العام وخفضاً لعجز الموازنة.

من غير المقبول الزعم بنجاح سياسة العمليات الجراحية التي تجرى للموازنة عاماً بعد
آخر لخفض ارقامها على حساب المشاريع الانمائية في كل المناطق وخصوصاً المنطقة
الحدودية المحررة والبقاع وعكار واعالي جبل لبنان والضواحي.

ان ضغط المشاريع الانمائية الى الحد الادنى، والاكتفاء بتطويق المشكلات الطارئة
وامتصاصها، سياسة علاجية متخلفة، تؤدي الى اعادة تشكل احزمة البؤس وزيادة
الهجرة.

كما ان هذا الامر يؤدي الى افراغ المنطقة الحدودية واضعافها، وفتح شهية العدو
الاسرائيلي عليها مجدداً. وهذا الامر يؤدي الى انفجارات اجتماعية وضعف
الدولة.

اننا نرفض اهمال اي تفصيل انمائي يخص المنطقة الحدودية من الناقورة الى العرقوب،
ولا اخفي ان نصف هذه المنطقة يشتهي مياه الشفة وان فرص العمل تضاءلت هناك الى الحد
الادنى”.

وروى انه “في صباح هذا اليوم (أمس) ابلغت رسمياً انذاراً اسرائيلياً بعدم استخدام
المياه من نبع الوزاني وجرها الى المنطقة الحدودية. انني اغتنم هذه المناسبة لاقول
ان اسرائيل تستغل 150 مليون متر مكعب من مياه الوزاني والحاصباني ولبنان يستغل حتى
الآن فقط سبعة ملايين ومع ذلك تهدد اسرائيل ان مجلس الجنوب يقوم بمشروع لجرّ
مليونين الى 3 ملايين متر مكعب لري عدد من القرى العطشى في المنطقة الحدودية، هناك
اتفاق دولي في موضوع يتعلق بالمياه لغير الملاحة، هذا الاتفاق وافق عليه لبنان ولم
توافق عليه اسرائيل. ان حصة لبنان من مياه الحاصباني والوزاني تساوي اضعاف كمية
المياه التي استعملها حتى الان. ايضاً نحن لا ننسى على الاطلاق ان مزارع شبعا
تحتوي على 224 نبعاً وان حق لبنان فيها هو حق كامل واسرائيل تستغلها منذ عام ،1967
نحن لا ننسى هذا الامر.

لذلك باسم جماهير الامام الصدر وباسم الامام الصدر نرفض هذا الانذار الاسرائيلي
وسنواصل عملنا في سبيل تحرير مياهنا وارضنا.

كما لا اخفي عليكم ان هذه المنطقة كما البقاع الذي ينتظر الزراعات البديلة والدعم
وما وعدت به الحكومات المتعاقبة، وكذلك عكار العزيزة، والمزارعين في اعالي جرود
جبيل وكسروان والمتن الأعلى، اصبحت مناطق يعيش معظم سكانها تحت خط
الفقر”.

وتطرق الى “المحاولات المستمرة لتهويد آمال الشعب الفلسطيني وحشد الاساطيل
الاميركية والمزاد العلني المفتوح على جعل العراق منطقة عقارية مفرزة للبيع
والارهاب النووي الذي تعبر عنه التهديدات الاسرائيلية والحركة العسكرية
الاسرائيلية المريبة على الحدود اللبنانية – السورية والنيات السيئة المبيتة لوضع
اليد على الاستثمارات والاموال العربية، تماماً كما جرى للاستثمارات والاموال
الايرانية في الخارج بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران”.

وأضاف: “أقول صراحة ان الهدف الأساس للحملة العسكرية والاقتصادية
والديبلوماسية والثقافية من المحيط الى الخليج الى عمق المنطقة، هو تفكيك العالمين
العربي والاسلامي، ووضع اليد على مقدرات الشعوب العربية والاسلامية باستثمار مزاعم
مكافحة الارهاب توصلاً الى تطويع انظمة المنظومتين العربية والاسلامية وتطبيعها
واعادة انتاجها.

ان هذه الحملة تهدف الى قطع الطريق على أي تحسن في العلاقات العربية العربية،
وخصوصاً بعدما شرعت قمة بيروت العربية الابواب أمام المصالحات العربية، وكذلك
لتكبيل اي دور سوري – مصري – سعودي يهدف الى اعادة التوازن العربي – العربي عبر
مشاريع مشتركة.

انني انبه الجميع الى ان الرهان على امكان اعادة التوازن الى سلطة القرار في
الادارة الاميركية لتجنب ان تجرب عصاها في شعوبنا هو رهان خاطئ، لأن اسرائيل قد
تمكنت بالفعل من اختطاف السياسة الخارجية الاميركية في ما يختص بمنطقتنا. وانني
ارى ان جميع اسماء دولنا هي على منظار التصويب بمختلف انواع الاسلحة ووسائل الضغط،
وان على الجميع الا يتعاموا عن رؤية التهديد، وحيث ان دفن الرأس في الرمال لا يعني
ان الصياد لا يرى النعامة.

ورأى “ان اشاعة التباس حول امكان اخراج الواقع الفلسطيني الدامي من حاله الى
حال تهدئة خواطر بعنوان “غزة وبيت لحم اولا” في غير محلها. فالحرب
الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ستستمر، وكل سوء تقدير في هذا المجال للنيات
الاسرائيلية سيؤدي الى سوء العواقب هو الترانسفير. اما في ما يخص العراق، فانه
بالاضافة الى الاستعدادات العسكرية لضرب هذا البلد الشقيق، فان الاخطر من ذلك هو
تهديد وحدة هذا البلد ارضا وشعبا، وفتح المزاد العلني على نفط كركوك، واشتراط
المشاركة العسكرية في الحرب المتوقعة بالعائد او الثمن الذي ينتظره الاطراف،
وترافق ذلك بالدخول الاسرائيلي على خط التصعيد الاميركي عبر الاعلان عن استعدادات
نووية اسرائيلية، وتنسيق الاجراءات العسكرية بين اسرائيل والولايات المتحدة.

ان اسرائيل تحاول الاستفادة من المحاولة الاميركية لاعادة تشكيل طريقة العمل
المقبولة منها للنظام الدولي، عبر الضغط على لبنان وسوريا، وطورا عبر الحشود
والمناورات العسكرية على حدود البلدين، واحيانا عبر محاولة استدراج التوترات من
طريق الاعتراض على عمليات للمقاومة او استغلال للمياه”.

ولاحظ بري انه “ليس مصادفة ان يطرح الان على الكونغرس الاميركي مشروع لمحاصرة
سوريا وفرض عقوبات عليها.

وفي هذا المجال لا بد من تنبيه بعض اللبنانيين في الخارج الذين يحاولون لعب دور
حصان طروادة ضد سوريا، وتذكيرهم بأن خيانة سوريا هي خيانة للبنان.

ولا بد من توجيه عناية الجميع بما في ذلك الادارة الاميركية، الى ان لبنان وسوريا
كانا ولا يزالان هدفا منذ اعوام بعيدة للارهاب الذي طاول الولايات المتحدة منذ اقل
من عام. ونحن نعلم ان مصلحة الادارة الاميركية تكمن في علاقات اكثر توازنا وتفهما
لمواقف لبنان وسوريا ولدورهما في مجال مكافحة الارهاب الحقيقي.

واستتباعا وعلى مستوى المنطقة، وفي اطار جغرافيا صورة الحركة العسكرية
والديبلوماسية والاعلامية، فانه ليس مصادفة محاولة وضع المملكة العربية السعودية
في قفص الاتهام، وكذلك اثارة القلق من ايران كقوة اقتصادية وعسكرية اقليمية.

اننا في هذا المجال ننبه ايضا الى المحاولات الجارية للضغط وزعزعة الاستقرار في
مصر، تارة عبر التلويح بخفض المساعدات او تقييدها بشروط، وتارة بالضغط على السودان
وعلى منابع النيل، واحيانا بالتلويح باثارة منازعات حدودية وداخلية.

هذا كله طبعا بالترافق مع الوقائع الافغانية ومناخات التوتر في العلاقات
الباكتسانية – الهندية.

واعلن بري: “من على منبر الامام الصدر نؤكد الثوابت الآتية: السعي الى ازالة
الحرمان رغم كل الصعوبات بمعناه الواقعي، ابتداء من الحرمان في المسائل الصغيرة مروراً
بالحرمان من النظام السياسي الصحيح، وعبر هذا الى الحرمان الدولي.

العمل بكل الوسائل والامكانات وفي الطليعة المقاومة، من اجل استكمال تحرير ارضنا
المحتلة وفي الطليعة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

دعم الشعب الفلسطيني في صموده وتصديه وانتفاضته وثورته، ورفض كل محاولة لتجزئة
الحقوق الوطنية الفلسطينية وفي الطليعة حق العودة.

ان علاقتنا مع سوريا ناتجة ليس من مصالح فحسب، بل كذلك من ايماننا بأن سوريا
امتداد للارادة الوطنية اللبنانية، التي هي ارادة العروبة وارادة التطوير وارادة
المواجهة مع اسرائيل، وبالتالي ارادة وحدة لبنان. ان ما يجب ان يدركه الجميع هو ان
سوريا هي الدولة الوحيدة المحيطة بنا، ولا حدود اخرى ويصبح عدا ذلك البحر من
ورائنا واسرائيل من امامنا.

اننا في هذا الاطار نرفض المحاولات الاميركية لاستهداف الدول العربية والاسلامية
وفي الطليعة العراق وايران والمملكة العربية السعودية، ونرفض الارهاب الاعلامي،
الذي يحاول ان يثير قلقاً دولياً من تلك الدول ويهدد وحدتها الداخلية ووحدة ترابها
الوطني. ونرى ان لهذه التهديدات المترافقة مع حشد القوى بعداً يهدف في حقيقته الى
تفكيك النظامين العربي والاسلامي.

وختم “(…) اتوجه باسمكم جميعاً الى طلائع افواجنا في كشافة الرسالة
الاسلامية بالتهاني لمناسبة اليوبيل الفضي لهذه الجمعية. كما اتوجه باسمكم
بالتهاني للموقف الموحد الذي تجلى في صيدا ازاء ملء المقعد الشاغر النيابي بوفاة
المرحوم مصطفى سعد لان صيدا تعبر في شكل دقيق عن جنوب موحد. والذي حصل من اجماع لم
يكن كما يشاع ان حركة “امل” و”حزب الله” فرضا حلا على صيدا بل
على العكس صيدا عندما تقول كلمتها الموحدة تفرضها على الجميع، فهنيئاً لها ولاسامة
سعد.

هذه التدوينة نشرت في ذكرى تغييب الامام الصدر. الإشارة المرجعية.