كلمة الرئيس نبيه بري في بلدة يارين (أم التوت) بمناسبة عيد التحرير

ايها الاعزاء،

لأنكم على مرمى العين من فلسطين، ولأنكم دفعتم ولازلتم ضريبة الدم من اجلها ومن اجل شعبها الشقيق، فإن من حقكم معرفة اننا نقف جميعاً بمواجهة محاولة اسرائيلية لانزال نكبة جديدة بالشعب الفلسطيني وتشريده، وان اكثر المشاريع اعتدالاً لدى الاحزاب الاسرائيلية هو محاولة مبادلة عرب 1948 بالمستوطنين في الضفة، بمعنى استكمال افراغ المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 من سكانها، وصوغ اسرائيل الصغرى النقية من اية عناصر فلسطينية، هذا مع العلم ان هذ المشروع يتكامل فصولاً مع خطط صوغ ادارة فلسطينية للسكان الفلسطينيين وليس لارضهم ومواردها، اي دولة معوقة مشوهة مجردة من حق السيادة ومن السلاح، تعبر عنها قوة امنية مسؤولة عن سلوك السكان، ومخاتير للربط بين حاجيات السكان والاموال المحولة من وكالات غوث متعددة الجنسيات.

ان اسرائيل رغم الاحاديث والتصريحات المتنوعة الصادرة من عواصم عالمية عن رؤية لدولة فلسطينية وعن مؤتمر وما شابه تحاول كسب الوقت، لكي تتمكن من هضم المرحلة الاولى من عمليتها العسكرية التي مكنتها من اعادة احتلال الضفة، بإنتظار ايجاد المسوغات والمبررات لاستباحة قطاع غزة، ومن ثم اتخاذ الخطوات لسحب الحقوق السياسية من عرب 1948، وبالتالي ممارسة اقصى الضغوط السياسية والاقتصادية لتحقيق ترانسفير جديد للشعب الفلسطيني والضغط لتركيع سوريا ولبنان.

اقول لكم ايها الاعزاء اننا لن نكون بمنأى عن تشظي الوضع الفلسطيني، ولن يكون احد من الاشقاء العرب خارج دائرة الانعكاسات، بل انني سبق وحذرت واجدد التحذير من تداعيات انفجار كبير على مساحة المنطقة.

ان هذا الامر يضعنا اما مسؤولياتنا وهي مسؤوليات تترتب على التاريخ والجغرافيا وكل ما يربط الاشقاء، وكذلك مسؤوليات تترتب على مصلحتنا في درء الاخطار لقد هزمنا عام 1948 مرة أولى وهذه المرة هزمنا والفارق بين عام 1948 واليوم ان الفلسطينيين كان أكثر فلسطينية من عام 1948 أما العرب فكانوا أكثر عروبة من اليوم. الحكام العرب الذين كانوا سيف الإسلام والنصارى قاتلوا حينها، على الأقل. وإنما هذه المرة لا نطلب منهم ان يقاتلوا انما نطلب شيئاً واحداً فإذا لم يستطيعوا ان يشتروننا على الأقل ان لا يبيعوننا وإذا كانوا غير قادرين على إنقاذنا على الأقل لا يرهنوننا.

كل المطلوب الا توقعوا عنا لأن الذي يوقع عن شخص آخر يكون مزوراً.

إذا انهزمنا فإن ذلك ليس عيباً. صبرنا عام 1978 عندما دخلوا حينها طالب الامام الصدر بالمقاومة وكانوا يستغربون ما هي المقاومة وكان الامام يقول قاتلوهم بأسنانكم وأظافركم وسلاحكم مهما كان وضيعاً، وكان يركز على الإيمان ولم يكن أحد يصدق بأننا سنحيي احتفالنا اليوم في حولا وبيت ليف وأم التوت ونمر اليوم على الحدود وصولاً الى رميش.

عام 1978 لم نركع وعام 1982 لم نركع وقال لي أحدهم يومها ان الجنوب قد تبخر فقلت له ان الجنوب قد تبخر لكنه سيعود ويمطر.

انني بصراحة اقول لكم، لا تعتقدوا ان الاندحار الاسرائيلي عن معظم ارضنا هو نهاية المطاف، فالعدو لازال يطمع في ارضنا ومياهنا.

ولكن الرهان يبقى ايها الاهل الاعزاء على صمودكم وعلى تجربتكم، وعلى ايمانكم ومقاومتكم، وانني على يقين انكم ستكونون دائماً في الطليعة للذود عن لبنان.

هذه التدوينة نشرت في المقاومة و التحرير. الإشارة المرجعية.