كلمة الرئيس نبيه بري في حفل تدشين مشروع باتوليه المائي بمناسبة الذكرى الثالثة لعيد التحرير

بسمه تعالى

للبنان الذي صنع الأبجدية ونقل إلى العالم الحرف فنقل إليه العالم الحرب فما استراح  الغزاة ولا استرحنا .

للبنان الذي بنى المدينة الأولى بعرق الجبين ونثار الفضة على شواطئ المتوسط وأطلق  نوارسه واشرعته على قمم الموج حاملة الحدائق والياسمين وزقزقات العصافير بأحرف  الهجاء .

ولجبل عامل قلب لبنان الذي كلما استراح إلى زرقة البحر والسماء والنهار صبي داهمه  الليل ليقفل أمامه أبواب الحياة وكلما أطلق الصوت جرحه الصدى ، وكلما استعاد الشهيق  قاطعه الزفير.

لعيون بيوت قراه المفتوحة على الأمل والوضوح القرى التي لا تمنح مقل أعينها للنوم   .

وللقرى التي لا تأكل رغيفها وجارتها جائعة ولا تطفئ عطشها وجارتها ظمئ .

ولباتوليه التي تقدم من قلبها إبريق مائها إلى عمق الجنوب الذي كان كلما ابصر  السراب حسبه ماء حتى تحقق وعد الماء .

للقرى التي تقرأ في صحوها الأحلام الندية وتغلق عيونها على الفراغ أو الكوابيس .

ولقرى عاملة المتميزة بأفراحها في أعياد اللغة والأمل .

ولهذه الأرض المغروسة بالحكايات والذكريات المسحورة بالشوق والمسورة بالحنين .

لهذه الأرض ولكم أخواتي وإخواني ألف تحية وبعد ،

مجددا” وفي غياب الوزارات والادارات الرسمية هذا الغياب الذي نأمل ان لا يكون صفة  الحكومة الجديدة  يأبى مجلس الجنوب الا ان يكون له  ( في كل عرس قرص ) كما يقولون ،  فكيف لا تكون له كل الاقراص في عرس التحرير .

ومجددا” نقدم الشكر لهذه المؤسسة الوطنية على كل المشروعات التي افتتحناها او وضعنا  لها حجر الاساس على امتداد المناطق الحدودية المحررة مع العلم ان هناك الكثير من  المشروعات التي يجري تنفيذها في نفس المنطقة ويكون لنا موعد آخر لافتتاحها .

اما لماذا اخترت هذا المشروع ليكون المحطة الاساس في هذا العيد فالجواب هو : الماء  .

اتذكر منذ طفولتي وانا على مقاعد الدراسة من تبنين الى بنت جبيل ان كل اضراب او  تظاهرة مهما كان عنوانها الوطني او القومي كانت تنتهي الى صرخة من اجل الماء .

ومنـذ خمسين عـاما” وننتظر المنطقة الحدودية ان تشرب ( ملء ) كفها كما يقولـون وان  لا تبقى شحـة المـاء تعاند ملء ( طاسة الرعبة ) لاسكات عطش خوفنا وموتنا واندثارنا  وحريقنا وعدونا على الحدود .

ولا انكر حتى قبل ان تجذبني السياسة الى حلبتها ان عقدة الماء والمدرسة قد لازمتني  .

وكنت اتساءل لماذا اتغرب كي اتعلم ؟ ولماذا اشعر ان شربة الماء غصة في الحلق ؟

لذلك طاردت حلم الماء من وداي جيلو الى لوسي الى آبار فخر الدين وتفاحتا الى  الوزاني وسأبقى ما حييت اطارد حلم ابراهيم عبد العال بأن نزيل لعنة الليطاني وسد  العاصي وري البقاع .

وهنا لا بد ان اطمئن اهلي في الجنوب الى ان دولة الكويت بشخص اميرها وولي عهدها  وكذلك مجلس الامة والحكومة اكدوا التزامهم تنفيذ المرحلة الاولى من مشروع الليطاني  ، والكويت ما كانت تتنكر لعهودها ولصداقتها ولإشقائها تجاه هذا الشعب الصامد الصابر  على مساحة لبنان وجنوبه خاصة .

وبالعودة الى اجواء هذا العيد فإنه لا بد من توجيه التحية الى شهداء المقاومة كل  المقاومة والجرحى والمعتقلين المحررين والمعتقلين من ابنائنا الذين لازالوا يرزحون  تحت قبضة الجلاد الاسرائيلي لأن تضحيات هؤلاء الابناء هي التي حققت النصر وهي التي  دحرت العدو عن ارضنا .

ولا بد في مناسبة التحرير وليس من باب التحزب على الاطلاق من توجيه التحية الى مؤسس  المقاومة الامام القائد السيد موسى الصدر الذي كان همه الاول والاخير حماية لبنان  وبناء مجتمـع المقاومة لأننا ازاء اسرائيل التي جمدت الحياة في منطقتنا .

ولا بد كذلك من توجيه التحية الى شعبنا الصامد في الجنوب والبقاع الغربي وكل مكان  في لبنان وصولا” الى العاصمة الابية بيروت الذي لولا صموده وتحمله وصبره ما كان  بالامكان ان نحرر معظم اراضينا .

ولا بد هنا من تذكر ضحايا المجازر الاسرائيلية وقد سلكنا اليـوم طـريق دمهم من  الطيبة الى حولا الى عيترون وسوق بنت جبيل وعيتا الشعب ويارين ومروحين وكل عناوين  جرائم الحرب الاسرائيلي .

اقول لقد سلكنا طريق شهداء المقاومة لنصل الى الماء اليوم ولكن الطرقات كانت تشكو  جوعها للتأهيل وللزفت والاوتوستراد الموعود من الناقورة الى مرجعيون لازال يخضع في  اطلاق تنفيذه الى المراسيم الجواله بالرغم من توفر الاعتمادات إنها ضرورة .

واقول للحكومة :

“ان اشجـار القرى الحدودية باتت لا تطيق البقاء دون ثمر” .

وان عيون المنطقة الحدودية باتت لا تستطيع ان تنظر الى الجانب الآخر من الحدود وترى  التنظيم الزراعي للارض والمحصولات وتوفر كل انواع الخدمات بينما تعاني ارضنا  اليبـاس وتنتظر من الموسم الى الموسم غلال التبغ وبعض المحاصيل البسيطة .

اننا في الوقت الذي نشحذ فيه المشاريع لتعويض المنطقة الحدودية ( ذهبنا الى الكويت  والإمارات وكل بلد نطلب المساعدات للمناطق الحدودية ) سنوات الحرمان والاحتلال ،  نرى ان الاستيطان الاسرائيلي يمتد غربا” ليشمل البحر المتوسط عبر مشروع اسرائيلي  لبناء اربع وثلاثين جزيرة صناعية بهدف جذب السياح.

انه في الوقت الذي تعتمد فيه اسرائيل نحو ملياري دولار مبدئيا” لذلك المشروع وتتوقع  عائدات سنوية منه قدرها اربعماية مليون دولار ترانا نصفق اذ تم رصد مبلغ لا يتجاوز  الوف الدولارات لهذه المنطقة .

الحق اقول لكم . إن من لم يبن بيت حدوده على صخر  ، فسيجد ان بيت كل وطنه آيل الى  السقوط ، وسيستيقظ ذات يوم كما حدث في عام 1982 ، ليجد ان العدو يدق ابواب عاصمته

الحضور الكريم

بالعودة الى الوقائع الاقليمية الراهنة :

اذكر انني العام الماضي حذرت من بيت ليف من :

1 – تجاهل حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة .

2 – تجاهل موضوع القدس .

3 – تجاهل المطالبة بتفكيك المستوطنات وتأكيد السيطرة الاستيطانية علىنصف اراضي  الضفة الغربية .

ناشدتكم بالله ما هي خريطة الطريق ؟ خريطة الطريق ألا تتجاهل كل ما حذرت منه

وبالنسبة الى بقية المطالب الاميركية على مستوى المنطقة فإنـه لا بـد مـن الملاحظـة  ان الولايات المتحدة الاميركية تتبـع ازاء منطقتنا حسـب تعبير احد المحلليـن العـرب  سياسة ” العصا والعصا ” بدلا” من ” العصا والجزرة ” .

وبالتالي لا يمكن الطلب الى السلطات في أي بلد نزع الاسلحة وتقليم اظافر المواطنين  ومطالبتهم بالسكوت عن تشريدهم خارج اوطانهم وتجريف ارضهم وتهديم منازلهم واعتقال  ابنائهم والاعتداء على حرماتهم ومقدساتهم وبنفس الوقت نقول لهم اركنوا لنا .

ان ما يجب على الولايات المتحدة الاميركية الالتزام به هو الغاء الاستثناء الذي  تمثله اسرائيل في تهديدها باستعمال القوة وارهاب الدولة والتزام الولايات المتحدة  بعدم الاستنسابية والانتقائية في تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي ورعايتها لتطبيق  القرارات الدولية الخاصة بالشرق الاوسط ووقف التنكر للحقوق العامة للشعب الفلسطيني  والتأكيد على حق عودة اللاجئين والانسحاب من الاراضي المحتلة وتمكين الفلسطينيين من  تقرير مصيرهم واقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس واعادة الجولان السوري حتى  حدود الرابع من حزيران ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا الى لبنان .

لا يمكننا ان نقبل بحكم الاعدام على هذه المطالب والحقوق لمجرد وجود هذه الشراكة  الاميركية الاسرائيلية وبسبب الدروس والعبر من المسالة العراقية والاسلحة المستعملة  فيها والاسلحة الاميركية الحديثة والمتفوقة التي تمتلكها اسرائيل .

ان واقع المسألة العراقية والوضع في العراق والحكم في العراق مختلف عن واقعنا  وقضيتنا ، والنظام العراقي هو من ساعد على جعل العراق هدفا” مستساغا” ، وهو الذي  قاوم شعبه حتى لا يقاوم شعبه ، وهو الذي انهك شعبه حتى انتهك شعبه .  اما بالنسبة  لنا فتجارب شعبنا والشعب الفلسطيني والدروس والعبر المترتبة على مقاومة الاحتلال  تثبت انه مهما كان السلاح وضيعا” فإن الايمان والارادة هما العنصران اللذان يصنعان  النصر .

أ – ولسنا نقف الابواب على الاطلاق ، ومازال الرهان  ان الادارة الاميركية ستدرك  آجلا” او عاجلا” انها لا يمكنها الاستمرار بالسير في سياسة كسب الاعداء لمجرد ارضاء  اسرائيل ، ولكن هذا الرهان بحاجة الى عمل عربي مشترك لأن المعركة من اجل فك  الارتباط بين متطلبات العصر الاميركي واسرائيل يحتاج الى توضيح المصالح المشتركة  العربية الاميركية ، وهذه المعركة الفكرية والسياسية والاعلامية لا يمكن خوضها الا  في واشنطن كما قلنا بالأمس. هل  يمكن ذلك ؟

ب – فالمفروض الان ان تكون حصتنا اكثر والجميع يعرف القصة ان مجلس الجنوب والشركة  التي كانت تنفذ وبالرغم من مجيء الذئاب وغير الذئاب . كان هناك ذئاب يهددون ولكن  اكتمل المشوار واصبحنا نأخذ حوالي 12 مليون متر مكعب وحتى الان لم نأخذ حتى ثلث  حصتنا من المياه ، انذاك دخل الاميركيون على الخط وتحدثوا معنا مع فخامة الرئيس  ودولة الرئيس ومعي شخصيا” ومع كل انسان مختص وكان الجواب اننا لا نعتدي على احد على  الاطلاق انما نريد حقنا وتحت مظلة الامم المتحدة فاذا كانت الولايات المتحدة تريد  المساعدة فأهلا” وسهلا” اذا كانت بغلادش وقبرص واي بلد يريد المساعدة فأهلا” وسهلا”  ولكن تحت مظلة الامم المتحدة ، ولكن يبدو انهم كانوا ضد الامم المتحدة منذ فترة  طويلة كي تزاح عن العراق .

وعلى هذا الاساس بدأ الخبراء الاميركيون والروس والفرنسيون ومن الاتحاد الاوروبي  وعالميون ولكن حتى الان لم يعد احد يطرق الباب بالنسبة لهذا الموضوع لذلك نقول مرة  اخرى بكل بساطة المياه لا يمكن ان تمر على انسان عطشان . ما يحصل هنا ليس كافيا”  وليس منطقيا” على الاطلاق تصوروا اننا ندفع بالماء من هنا الى صديقين كي تصل الى  بنت جبيل ورميش وعين ابل وعيتا الشعب والجميع يعرف ان البرك الاسنة لاتزال موجودة  في كل البلدات والجميع يعرف الامراض المتأتية من هذه البرك . بالاختصار حتى لو كنا  نريد ان ننشىء احواض سباحة ، اننا نريد مياهنا اليس من حقنا ان نسبح ايضا” ؟

لذلك نقول للمجتمع الدولي من هذا الاحتفال ، اننا نحاول ان نستفيد من مياهنا من كل  مكان ولذلك ستعود وسنعود سريعا” الى مياه الوزاني .

واشير الى ان الكثير من الشخصيات الاميركية دفعت الاثمان باهظة لمناهضة اللوبي  الاسرائيلي في الولايات المتحدة ولمناهضة محاولة صهينة السياسة الاميركية بينما لم  تستجب سلطة القرار السياسي العربي لدعواتنا المتكررة التي بح صوتنا فيها من اجل  وسيلة اعلامية عربية ناطقة باللغة الاميركية وموجهة للرأي العام الاميركي تنقل  الحقائق عن العرب وقضاياهم . واستمر النظام العربي ولازال في اهمال وسائل الاتصال  العصرية بالرأي العام .

معقول ان عملية تحدث وهناك موعد بين شارون والرئيس الاميركي جورج بوش ، هذه العملية  يقتل فيها اسرائيلي او اثنان وكأن ذلك هو عقدة طالعة من البحر ما الذي يحدث ، شارون  يلغي موعدا” مع بوش ، بينما يباد شعب بأكمله في فلسطين ماذا تطالب ، نحن حاضرون فقط  اعطنا موعدا” ، كيف يمكن لهذا الامر ان مقتل اسرائيلي واحد يؤدي الى الغاء موعد  بينما قتل شعب لا يؤمن موعدا” لطرف آخر على الاقل علينا ان نوحد

انفسنا وعلى الاقل علينا ان نحترم انفسنا انا اقول ان اكثر حكام العرب لا يفتشون عن  موعد مع بوش .

اوجدوا انفسكم اعزوا انفسكم تجدوها ، وبالمناسبة يجب ان لا يفكر احد حتى ولو ان هذا  المشروع كان اكبر المشاريع فعلا” فهذا لا يعني بالنسبة لنا شيئا” .

كفى الله المؤمنين شر القتال ” نحن لا نريد نقاتل ، انما نقول ” كفى الله المؤمنين  خير المياه ” لا 00 حقوقنا في الوزاني وللتذكير ما الذي حدث ، الاسرائيليون  استفادوا من انشاء ما سمي بالشريط الحدودي وقاموا بأخذ 150 مليون متر مكعب من مياه  الحاصباني والوزاني ولبنان كان يستفيد انذاك من 7 ملايين متر مكعب حتى قرية الوزاني  لم تكن تشرب من مياه الوزاني وهذا امر ليس مستغربا” في لبنان لان بحمد الله الهرمل  لا تشرب من العاصي .

واقعا” مجموع ما كان يأخذه لبنان من حصة الوزاني سبعة مـلايين متر مكعب بينما  اسرائيل كانت تأخذ 150 مليون متر مكعب وحصل التحرير وعلينا ان نستفيد من هذه المياه  ، فقرانا عطشى فمـجرد ان امتدت يدنا على الوزاني قامت الدنيا ولم تقعد ، ما القصة  قيل اننا نعتدي على المياه ، ففي العام 1956 الخبير الاميركي جونسون اعتبر ان حق  لبنا هو 36 مليون متر مكعب هذا في عام 56 ، بينما الان الحاجة للمياه اكبر والشعب  اصبح اكثر عددا” والقرى اصبحت ايضا” اكبر والحمدلله رب العالمين نحن بحاجة الى  المياه اكثر واكثر .

الفكر ولا تحتكر المبادرة ولا تمنع المشاركة ولا تخاف من الديموقراطية او الشورى .

         الحضور الكريم

         ها نحن نقف مجددا” على تفسير حلم الماء .

واقول انه مهما كانت التحديات والصعوبات والضغوطات فإن انصار الحق كانوا دائما” قله  ولكنهم كانوا انقياء واتقياء وشجعانا” ومنتصرين .

واقول لكل المواطنين اللبنانيين وخصوصا” لابناء الجنوب الذين يقفون على خط تماس  التاريخ والجغرافيا ان قوتنا تنبع من رؤيتنا الواضحة للموقف وفي عدالة مطالبنا .

يبقى ان مناعة لبنان تعتمد على مناعة الجنوب وصمود الجنوب يعتمد على ترسيخ وحدتنا  الوطنية التي هي اساس قوة لبنان .

                                                      عشتم 00 عاش لبنان

                                                      وكل عام وانتم بخير

هذه التدوينة نشرت في خطابات. الإشارة المرجعية.