ان تاريخ الجنوب يجب ان يسجل ان هذه المدرسة هي واحدة مما يزيد عن مئتي مدرسة ابتدائية او تكميلية او ثانوية، انجز مجلس الجنوب بناؤها او توسيعها او ترميمها، وهي هدية قيمة لاجيالنا في الحاضر والمستقبل، وهـذه الهدية هي تعبير مقاوم بكل معانيه وابعاده التربوية والعلمية والانسانية.
وكون الحديث عن مجلس الجنوب وانجازاته، فإن شعبنا لن ينسى دور هذه المؤسسة الوطنية في دفع تعويضات لما يزيد عن ثلاثة الاف شهيد، وكذلك اربعة الاف جريح اضافة الى تقديم الخدمات في مجال علاجهم، وكذلك دفع الرواتب لعائلات ابنائنا المعتقلين والتعويضات للمحررين.
وذاكرة الجنوب لا تنسى دور هذا المجلس في اغلاق ملف المهجرين من شرق صيدا، واعادة بناء الف واربعماية منزل، وترميم اربعة الاف ومئة وثمانية وثمانين منزلا” ( 4188 )، ولن تنسى المنح المدرسية لابناء الشهداء والمعتقلين، والبنى التحتية والاشغال التي طالت مئات المشاريع في الجنوب، ومنها جر المياه وحفر وتجهيز الابار الارتوازية، وانشاء الخزانات وتحديث وانشاء الكثير من شبكات الكهرباء والمواصلات.
اقدم هذه الشهادة اليوم رغم انها تأتي متأخرة في الرد على الافتراءات، لأقول ان موازنة هذه المؤسسة الوطنية التي اجترحت المعجزات لا تتجاوز الستين مليار ليرة، وهو مبلغ لا يوازي المبالغ المخصصة لمشروع واحد تولته بعض المؤسسات.
ان هذا المجلس يشكل انموذجا” لمؤسسات متخصصة على مساحة المحافظات الريفية، ومعالجة ملفات الحرمان والغبن المزمنة، وتصل الى المناطق الاشد حاجة وفقرا”، والتي تراجعت مؤسسات الدولة عن القيام بواجباتها تجاهها.
فمن نافل القول ان مجلس الجنوب غطى عجز وزارات الخدمات واداراتها طيلة السنوات الاخيرة، حيث قام العاملون فيه على الدوام بكل جدية وصبر بأدوارهم، وكانوا المبادرين الى تلبية حاجات اهلنا حيث يقع العدوان الاسرائيلي حتى في عمق الوطن.
اننا اليوم، ومن زوطر، البلدة الصابرة الصامدة المقاومة، نتطلع الى شركاء المسؤولية في الدولة لأن يروا بعين الحقيقية، انه حيث تخلفت الاجهزة الرسمية عن القيام بمسؤولياتها، تجرأ مجلس الجنوب على الاقدام وعلى وضع امكانياته من اجل تعزيز صمود اهلنا في ارضهم.
كما دعا الى مبادرات جريئة، بل الى ثورة في مجال تخطيط وتنفيذ المشروعات، انطلاقا” من ترتيب سلم اولويات المشاريع التي تعالج الجذور العميقة للحرمان الاجتماعي والاقتصادي، بما يعني التزام الانموذج العالمي للتنمية الذي يجعل الناس هم محور التنمية، ومن اعتبار النمو الاقتصادي وسيلة وليس غاية لحماية فرص الاجيال الحاضرة والاجيال المقبلة.
اننا لا نريد استغراق العهد الحالي الذي راهنا عليه وانتظرناه بالاثارة والبلبلة والتشكيك، واننا نرى ان هناك فرصة مهمة لاطلاق دور الدولة في النشاط الاقتصادي، انطلاقا” من التركيز على التنمية الموالية للمواطنين ولفرص العمل وموالية للطبيعة.
وأكد الرئيس بري ان حلول الكثير من المعضلات تبدأ بإلغاء الاحتكار وبحماية التنافس، وبتوسيع شبكة الخدمات الاجتماعية، وتعميم الضمان الصحي والضمان الاجتماعي، وتسريع المبادرة الرسمية لضمان الشيخوخة.
كما اننا نرى ان توجيه استثمار الدولة في المرحلة الحالية يجب ان يركز على الشباب والطلاب.
لقد اتخذ عدد من المؤسسات الاهلية مبادرات في مجال تعليم المهن للشبان والشابات الذين منعتهم ظروف الحرب الاهلية واستتباعاتها من متابعة التحصيل العلمي او اكتساب مهنة.
ان المطلوب ان تبادر الدولة الى اعداد وتنفيذ مشروع لمحو الامية المهنية والوظيفية، وتوليد طاقات انتاجية في مجال الحرف المختلفة، واكساب الشباب المعرفة والمعلومات والمهارات التي تمكنهم من الوفاء لاحتياجاتهم المادية والروحية المتنامية، وتوسيع الخيارات في مجال فنون الانتاج.