من خرج عن تقاليد تشكيل الحكومة بري : الاتصالات تجمّدت واخشى من شيء ما

محمد بلوط

من خرج عن اعراف وتقاليد تشكيل الحكومة؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا الاداء الذي يبدو انه اعادنا الى نقطة الصفر بعد سبعة اشهر من الازمة؟

رئيس الجمهورية رمى كلمته الميلادية المقتضبة من بكركي، متهماً طرفاً او ربما اكثر «باحداث تغيير في الاعراف والتقاليد»، لكنه لم يسم الاشياء باسمائها تاركاً المجال امام تفسيرات وتأويلات متعددة.

وبغض النظر عن الجهة التي طاولها كلام الرئيس عون، فان هذه المضبطة الاتهامية يجب ان توجه اولا للجهة المسؤولة مباشرة عن تأليف الحكومة خصوصاً اذا ما قرأنا جيداً وبالتفاصيل مسار هذه العملية.

فلقد استغرق التفاوض مع «القوات اللبنانية» اشهراً عديدة واخذ حيزاً طويلاً من الاخذ والردّ، وكان اول المشاركين فيها الى جانب الرئيسين عون والحريري الوزير جبران باسيل الذي لعب دوراً اساسياً في تحديد الحصص والحقائب.

وبرأي مصادر مطلعة ان باسيل قاد اكثر من مبادرة، وتدخل في الشاردة والواردة خلال كل هذه العملية منذ تكليف الحريري وحتى اليوم. فهل يمكن ان يكون خارج المضبطة الاتهامية التي اعلنها الرئيس عون؟

وتضيف المصادر ان رئيسي الجمهورية والحكومة عملا معا لاستدراج عروض المبادرات، وهما مشكورين على ذلك، لكن ليس من الموضوعية ان نتجاهل فصول خمسة اشهر من التعقيدات والتخبطات ثم نعلن لاحقاً عن «احداث تغيير في التقاليد والاعراف». اما مسألة المطالبة بتوزير «اللقاء التشاوري» السني، فهي تندرج اولاً واخراً في اطار وفي مفهوم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجامعة التي لا يفترض ان تتجاهل شرعية واسعة افرزتها نتائج الانتخابات النيابية.

وبرأي المصادر ان مصادرة حق «اللقاء» ومحاولة اصطياد الوزير الذي يفترض ان يكون محسوباً عليه وضمه الى تكتل لبنان القوي هو خروج عن مفهوم المشاركة وتجاوز لحق النواب السنة المستقلين، اذ كيف يمكن ان نعطيهم باليد اليمنى ونأخذ منهم وزيرهم باليد اليسرى؟

وفي كل الاحوال، فان ما جرى في الايام القليلة الماضية، برهن ان المشكلة ابعد من تمثيل «اللقاء التشاوري» بدليل محاولة اعادة النظر في توزيع الحقائب والانقلاب على الاتفاقات التي تمت سابقاً لا سيما مع الثنائي الشيعي الذي فوجئ بهذه المحاولة.

وقد احدثت هذه التطورات المفاجئة صدمة سلبية حالت دون الولادة التي كانت متوقعة قبل عيد الميلاد، والى تجميد الاتصالات على كل المحاور بانتظار بداية العام الجديد وما سيحمله على هذا الصعيد؟

وامس ابلغ الرئيس بري النواب في «لقاء الاربعاء» النيابي ان الاتصالات حول تأليف الحكومة تجمدت، وان كل الذين في هذه العملية توقفوا عن القيام باي شيء.

وبدا متخوفاً من ان تكون هناك قطبة مخفية وراء الذي حصل مؤخراً وادى الى ما ادى اليه، قائلاً «هناك شيء ما لا يعجبني، واخشى من ان تحصل امور في مثل هذا الوضع المتأزم تزيد من تفاقم الوضع».

وكرر بري القول انه اذا لم يكن هناك من اسباب او عقدة خارجية فانني اخشى من ان يكون هناك من يستدرج الخارج. واستذكر كيف تعاطى ثنائي حركة «امل» وحزب الله منذ البداية مع عملية تأليف الحكومة قائلاً نحن لم نتعاط بغش او بخداع، وحاولنا ان نستبق الامور بمبادرة حيث بدأنا بانفسنا وارتضينا بان يكون لنا 6 وزراء فقط بينما تمثيلنا النيابي يعطينا 7 او 8 وزراء في الحكومة الثلاثينية».

واضاف: «كانت غايتنا تسهيل التسريع في ولادة الحكومة قبل عيد الفطر لاننا كنا وما زلنا ندرك مخاطر الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. واتفقنا على الحقائب لاحقاً بعد الانطلاق من وزارتي المال والصحة، غير اننا فوجئنا مؤخراً باثارة موضوع تبديل الحقائب في الوقت الذي حصل ما حصل بالنسبة لوزير اللقاء التشاوري».

وحرص بري على عدم تحميل طرف او شخص معين مسؤولية ما آلت اليه الامور في شأن الحكومة لكنه رفض بقوة تعمية الحقائب، خصوصاً ان وقائع عملية تأليف الحكومة منذ البداية حتى اليوم لا تقبل التأويل او التضليل.

هذه التدوينة نشرت في ticker_ar, TOP ARTICLES, الرئيس في الإعلام. الإشارة المرجعية.